خبراونلاین – اجرى موقع خبراونلاین حوارا مع حجة الاسلام والمسلمین الدکتور محمد مسجد جامعی سفیر ایران السابق فی المغرب تحدث خلاله عن مواضیع ذات صلة بالاسلامیین فی المغرب الاسلامی او العربی وقضیة الرهائن فی الجزائر.

 

 

محمدرضا نوروزبور

تسبب الغزو العسکری الفرنسی لمالی بذریعة مواجهة الاسلامیین المتطرفین ومن ضمنهم عناصر القاعدة فی تبدیل هذا البلد الفقیر فی غرب افریقیا الى محور التغطیات الاخباریة لوسائل الاعلام. ویرى بعض المحللون ان فرنسا ترمی لتحقیق مآرب خاصة من خلال هجومها على هذه البقعة فی العالم. فی غضون ذلک اسهمت قضیة احتجاز الرهائن فی منشأة عین امیناس فی الجزائر الى زعم فرنسا ان هجومها على مالی کان فی محله. وفی هذا السیاق تحدث الدکتور محمد مسجد جامعی سفیر ایران السابق لدى المغرب عن وجود اسباب مختلفة لذلک من ضمنها الفراغ الراهن عقب الاطاحة بالقذافی وظهور آثار الاستعمار الفرنسی فی هذه الدول واتساع نفوذ الفکر السلفی والقاعدة فیها وتأثیرات ذلک علیها.

ما السبب فی تبدیل مالی فجأة الدولة الفقیرة فی غرب افریقیا الى مرکز اهتمام وسائل الاعلام؟ ما الذی جر فرنسا الى الذهاب هناک؟

ان مالی لا تتمتع من الناحیة الجغرافیة بموقع خاص، وهی دولة تفتقد لمصادر النفط والغاز بل انها فقیرة جدا. وان ما یتم الاشارة الیه من وجود معادن الذهب والیورانیوم له جانب دعائی. وتحیط بها النیجر، الجزائر، موریتانیا، السنغال وساحل العاج. انها بلد لا یتمتع بموقع خاص او مصادر معروفة. لکن الحال هو هکذا عندما یواجه بلد ما توترا یتم الحدیث عن ان سبب ذلک هو مصادره الطبیعیة وثرواته.

اذن ما هو السبب وراء جعل مالی تحظى بهذه الاهمیة؟

اهمیتها تعود للظروف الراهنة الخاصة التی تواجهها والتی على الاقل ظهرت فی هذه المنطقة منذ سبع او ثمان سنوات وباتت مصدرا لتهدید استقرار وامن هذا البلد والمنطقة اجمع، کما انها تهدد مصالح اوروبا وامیرکا. حقیقة الامر اننا نواجه فی شمال افریقیا لا سیما فی الجزائر وتقریبا فی المغرب وقلیلا فی تونس وموریتانیا تیارا باسم القاعدة فی المغرب الاسلامی او القاعدة فی المغرب العربی والذی تعود جذوره الى عقد التسعینیات والى الانتخابات التی الغتها الحکومة المرکزیة فی الجزائر. هذه الجماعة تنشط حالیا فی الحدود جنوب الجزائر وشمال مالی واجزاء من النیجر بسبب ضعف الحکومة المرکزیة فی مالی واتسعت رقعة تواجدها وفعالیاتها بحیث تمکنت من استقطاب السکان المحلیین شمالی مالی والتحول الى تیار سلفی وسلفی جهادی تکفیری. وهذا هو اهم سبب التطورات التی تشهدها هذه المنطقة والعامل الذی یقف وراء جر فرنسا الیها لمواجهة هذا التیار.

هل ان مجرد مکافحة والتصدی لنمو الاسلامیین المتطرفین یکفی للتدخل العسکری فی هذا البلد؟

اعود الى شمال مالی والاوضاع التی کانت تواجهها قبلا والان واسباب القرارات المتخذة. اهالی شمال مالی لیسوا من الافرقیین السود. توجد فی هذه المنطقة الصحرائیة ثلاثة اقوام. اولها الطوارق التی یعیش غالبیتها فی مالی وایضا فی النیجر والجزائر ولیبیا. ثانیها المعروفون محلیا باسم "المور" باللغة المحلیة وثالثها العرب ذوی الجذور العربیة.

قلتم ان هذه الاطیاف کانت تنشط منذ القدم هل تغیرت نوع انشطتها حالیا بحیث باتت تمثل ازمة ما حمل فرنسا على التدخل؟

هذه الجماعات کانت لها تحرکات انفصالیة منذ اوائل 1960 ای منذ استقلال البلاد لکنها جوبهت بالقمع من قبل الحکومة وبدعم الغرب. الامر الذی تسبب فی رفع وتیرة التحرکات الاخیرة لهذه الجماعات لا سیما الطوارق هو الاطاحة بالقذافی. حیث کان یدعم الطوارق وعمل على ابقاءهم راضین لکن موته واوضاع الربیع العربی اسهم فی خلق ظروف جدیدة امام هذه الجماعات وتغییر سلوکها وتعاطیها.

لماذا کان القذافی یدعم الطوارق؟

لان من المعروف ان والدة القذافی کانت من الطوارق ومن هنا کان على صلة وثیقة بهم. لکن الهجوم الغربی على لیبیا لا سیما الفرنسی عمل على اثارة الطوارق والمالیین وتنظیمهم لتظاهرات حاشدة احتجاجا على ذلک . لذا فان هدوء المنطقة کان بسبب حضور القذافی وکسبه لرضاهم.

وهل هناک عناصر من القاعدة بین الطوارق؟

من النادر انضمام الطوارق للقاعدة. غالبیة عناصر القاعدة فی مالی هم من العرب والمور بسبب الفقر الشدید الذی یعانون منه والظروف البیئیة. کما ان القاعدة تنتشر فی شمال مالی وجنوب الجزائر ولا مکان لها فی هذا البلد.

وما العوامل الاخرى الدخیلة فی هذا التمرد غیر سقوط القذافی.

نعم لقد کان للقذافی تأثیر کبیر ونفوذ واسع وکانت له شعبیة بین الافارقة. عقب ان اصبح محبطا من ناحیة العرب اتجه صوب افریقیا حیث اعلن سفیر السیرالیون ان القذافی اسهم فی تاسیس العدید من المراکز الثقافیة والدینیة والخدمیة فی غرب افریقیا ان الفراغ الذی ترکه بات ملموسا وان الانظمة الافریقیة لیست قادرة على التصدی لهذه الجماعات والطوارق. من جهة اخرى الربیع العربی ایضا بحد ذاته اسهم فی رفع مستوى مطالبات الشعوب بکل الاحوال الاحداث التی اعقبت الربیع العربی لها دور کبیر فی بروز هذه الاضطرابات.

اذن تعتقد ان هذا الامر لا ینحصر بمالی فقط؟

کلا یبدو اننا سنشهد اضطرابات خاصة سببها ضعف الحکومات المرکزیة وعدم تلبیتها لمطالبات الشعوب لا سیما فی غرب افریقیا حیث تولى الحکم عقب الاستقلال فیها العسکر والنخب السیاسیة والاجتماعیة . ولم یکن للشعب فیها دور ابدا . امام الیوم فبات هذا الامر مرفوضا ونتیجته ما نراه الیوم فی مالی والتسبب فی تدخل فرنسا عسکریا. حیث کان لفرنسا تواجدا امنیا واستخباراتیا کبیرا فی هذه الدول.

وهل هذا هو السبب وراء تدخل فرنسا وغزوها لمالی؟

الحقیقة ان فرنسا کانت طلیعة هذا العمل لکن اوروبا والغرب قدموا الدعم لها ایضا. لقد طالبت السیدة کلینتون خلال زیارتها الاخیرة الى الجزائر من الرئیس بوتفلیقة دعم مکافحة الغرب للمتشددین فی شمال مالی لکنه رفض وتسبب هذا فی مغادرة کلینتون الجزائر غاضبة.

برأیک هل ستحقق فرنسا النجاح نتیجة هذا الغزو والاجتیاح العسکری؟

من المبکر الاستنتاج حول هذا لکن هناک احتمال کبیر ان فرنسا اصابها الندم بسبب العمل الذی اقدمت علیه او ستندم قریبا لانها ستضطر لدفع ثمن باهظ جراء ذلک.

السؤال الآخر هنا هو تعاطی السید هولاند. فهو قومی ووعد خلال حملته الانتخابیة بعدم التدخل فی الصراعات الدولیة کیف اقدم على هذا العمل؟

نعم حتى انه وعد باخراج القوات الفرنسیة من افغانستان وقام فعلا بذلک لکن یبدو ان بعضا من هذه القضیة یعود الى اتخاذ قرار خاطئ. اما الامر الآخرفسببه الشعور الفرنسی تجاه افریقیا حیث تعتبر نفسها صاحبة غرب افریقیا. ولا تزال تتمتع بنفوذ هناک من ناحیة اللغة ، الاقتصاد والتجارة والترانزیت الجوی والمصرفی.

وما مدى الخطر الذی یمثله الاسلامیون فی هذه المنطقة؟ هل هم خطر جدی مثلما یقول الغربیون والفرنسیون؟

لقد اقبل العدید من شباب المنطقة على الفکر السلفی الذی یتمتع بحظوظ کبیرة من التأثیر هناک. ومثال ذلک جماعة بوکو حرام فی نیجیریا التی تقوم بعملیات ارهابیة حالیا. بکل الاحوال نمو الفکر هذا اسهم فی زعزعة استقرار هذه المنطقة وانعدام الامن فیها. انها لیست حرکة عفویة بل ان السیاسات المنتهجة حتى من قبل الغرب نفسه اسهمت فی بروز هذه المیول.

تعنی ان الغربیین هم سبب توجه الشباب نحو الجماعات المتطرفة؟

لسببین اولهما سیاسة الغرب فی التعاطی المزدوج مع العناصر المتشددة مثل القاعدة والسلفیین حیث یحاربهم فی مالی ویدعمهم فی تونس للتصدی لتیار الغنوشی وکذلک یدعمهم فی سوریا. السبب الثانی النفسیة الاستعماریة لفرنسا التی ترکت آثارها على هذه المنطقة واهانتها للشعوب وانتهاکاتها للاعراق والقومیات. لذا فان الشعور بالانتقام اسهم فی اتساع رقعة السلفیة بالاضافة الى اصرار الفرنسیین على مواقفهم السابقة.

اذن هل تعتبرون التدخل العسکری الفرنسی صحیحا وفی محله؟

الموضوع اکثر تعقیدا من ذلک . للتدخل العسکری تداعیاته الخاصة به. ان الاوضاع من وجهة نظر الغرب هی عدم امکانیة التخلی عن التدخل العسکری وعدم امکانیة قبول اقتدار الجماعات والتیارات المناوئة. لکن لا شک ان العملیة العسکریة ستأزم الاوضاع وستمنح القاعدة امکانیة توسیع نطاقها بحیث تؤثر على کل غرب وشمال افریقیا.

ما هی اوجه الاختلاف بین القاعدة التی تنشط الیوم فی غرب افریقیا مع القاعدة فی افغانستان وسوریا؟

یبدو اننا نواجه  جیلا ثالثا من القاعدة. ای انه وفی اعقاب احداث سوریا انجبت القاعدة الجیل الثالث لها. جیلها الاول کان بن لادن واعوانه ومؤیدوه. الثانی اتى عقب الاطاحة بصدام فی العراق مع مجئ الزرقاوی والان نشهد فی سوریا جیلا جدیدا من القاعدة مثاله فی مالی وجنوب الجزائر.

وما هی خصائص الجیل الثالث للقاعدة؟

انهم اشخاص اکثر تعقیدا، تطورا وتجهیزا من الجیل الاول والثانی. انهم شبکة ذات تنسیق فیما بینها. مثلا وتزامنا مع قضیة الرهائن فی الجزائر اعدمت الجماعات الاسلامیة المرتبطة بالقاعدة فی الصومال فرنسیا بتهمة التجسس. کما سمعنا یوم السبت انباء عن تفجیر للجماعات الاسلامیة استهدف الجنود النیجیریین خلال توجههم الى مالی. کل هذا یظهر النمو الکمی والکیفی لهذه الجماعات وتحولها نحو تشکیل شبکة والقیام بعملیات تنسیقیة ذات هدف.

لنتحدث قلیلا حول قضیة الرهائن فی الجزائر هل لهذا الموضوع صلة بالهجوم الفرنسی على مالی؟ ولماذا قامت الجزائر بانهاء الامر على ذلک النحو؟

لقد احتل الخاطفون منشأة عین امیناس شرقی الجزائر ولم یهددوا بقتل الرهائن بل هددوا انه فی حال عدم تلبیة مطالبهم سیدمرون المصفاة باکملها. لذا لم یکن امام الجزائر وسیلة سوى التدخل العسکری. کلامهم کان سبب سماح الجزائر لفرنسا بدخول نطاقها الجوی واراضیها للهجوم على مالی. عدا ذلک القاعدة فی المغرب العربی تعتبر من اشد اعداء النظام الجزائری. ویعود تاریخ ذلک لسنوات ماضیة حیث ان کلا الجانبین یفتقد للثقة بالآخر ما اسهم فی استبعاد عقد مفاوضات بینهما.

رمز الخبر 184235