١ Persons
٤ يونيو ٢٠١٩ - ١٥:٣٠
دعوات واشنطن لايران..حوار مفخخ بالخداع

من الممكن القول ان سياسة الادارة الاميركية منذ وصول دونالد ترامب الى البيت الابيض قائمة على شيء من الواقعية والتي تحتم احترام قدرات الطرف المقابل، وهو ما اظهرته واشنطن فيما يتعلق بالجمهورية الاسلامية في ايران.

فبعد اسابيع من التصعيد المترافق مع التهديد والوعيد من ترامب وصولا الى مستشاره للامن القومي جون بولتون ووزير خارجيته مايك بومبيو، حولت الادارة الاميركية مسار مواقفها الى كلام منمق تجاه طهران واطلاق دعوات متكررة للحوار معها. وان كان من المؤكد ان ما دفع بالاميركيين لتجاوز مشاهد حاملات الطائرات والتهديدات العسكرية ضد ايران هو ادراكهم ان الاخيرة لا تشبه ايا من حلفاء واشنطن في المنطقة، كما ان الموقف الايراني والقدرة على الصمود في وجه اي ضغوط اميركية اعطى الصورة الحقيقية لواشنطن عن الطرف الذي تتعاطى معه.

غير ان الحديث عن الحوار ليس من الامور التي ترفضها ايران والدليل خوضها مفاوضات ماراثونية مع (6+1) انتهت بتوقيع الاتفاق النووي، لكن ما يجب التاكيد عليه هو الاساس الذي تستند اليه طهران في اية مفاوضات ومع اي طرف. وهذا الاساس اكدت عليه مجددا بعد دعوات ترامب وفريقه للحوار، وهو الاحترام المتبادل وعدم فرض الشروط المسبقة وعدم الخداع.
في المقابل يبدو واضحا ان الدوافع التي جعلت واشنطن تطلق حملة الدعوات للحوار لا تلبي المتطلبات الايرانية. اي بمعنى اخر فان ترامب لم يُعِدْ العمل بالاتفاق النووي الذي انسحب منه في خطوة ناقضت كل التعهدات الاميركية السابقة. كما ان كلام الادارة الاميركية عن عدم سعيها لاسقاط نظام الجمهورية الاسلامية لا يصدقه حتى الساسة الاميركيون خاصة مع وجود اسماء كجون بولتون ومايك بومبيو الذين يقيمون كل سياساتهم تجاه ايران على قاعدة اسقاط النظام.
اضافة لذلك، لم تعلق واشنطن اجراءات الحظر التي اعادت فرضها ضد ايران سواء ما يتعلق بالنفط او غيره. وعليه فان الخطوة الاميركية المتمثلة في الدعوة للحوار لا تخرج من سياق التخطيط الاميركي لاخضاع ايران عبر اظهار الوجه المسالم والمؤمن بالحوار بينما الخطوات والمواقف الاميركية على الارض تشير الى تمسك الادارة الاميركية بالنهج العدائي ضد طهران لكن هذه المرة بقناع السلمية والحوار.

واذا ما نظرنا الى سلوك واشنطن في هذه المواقف سنجد نفس الطريقة المخادعة حيث اغرت كوريا الشمالية بوعود براقة واغراءات اقتصادية لتخرج بعد القمة الاولى بين ترامب والزعيم الكوري بالقول انها لن تلغي اية عقوبات مفروضة على بيونغ يانغ قبل حل الاخيرة لكل ترسانتها النووية ليصل الامر الى حد فشل المفاوضات ووصف كوريا الشمالية لابرز رجال الادارة الاميركية جون بولتون بالجاهل والمهووس بالحرب.
وفي ظل سعي واشنطن لتطبيق نفس الطريقة مع ايران فان الاخيرة تعلم جيدا انه لا يمكن الوثوق بالاميركيين وتحديدا ادارة ترامب الذي وصل الى البيت الابيض عبر مهاجمة ايران والاتفاق النووي، وهنا فان الثوابت التي اكدتها طهران لخوض اي حوار مع واشنطن تبقى حاضرة في خلفيات واسس السياسة الايرانية الخارجية. وهي احترام الولايات المتحدة للاتفاقيات الدولية وتعويض طهران عن الاضرار التي احدثها تنصل ترامب من الاتفاق النووي والاجراءات العدائية التي اتخذها ضد ايران.
في هذه الحالة فقط يمكن للولايات المتحدة ان تدعو الى حوار مع ايران التي ستدرك واشنطن انها اكثر واقعية في سياساتها المبنية على الحفاظ على الحقوق المشروعة والمكتسبات التي استحقتها ايران طوال اربعة عقود. كما ستدرك واشنطن ان سياسات ايران تقوم على الوضوح والشفافية وبالتالي لا يمكن استدراجها الى حوارات ومفاوضات اساسها الوحيد الخداع الذي يتقنه صقور الادارة الاميركية.

رمز الخبر 189638

تعليقك

You are replying to: .
5 + 12 =