انه أجرى مؤخراً وزير خارجية الجمهورية الاسلامية الايرانية حسين أميرعبداللهيان زيارة إلى سوريا ولبنان في إطار تعزيز العلاقات مع هذه الدول، سيما في مجال متابعة الإتفاقيات الموقّعة بين ايران وسوريا خلال زيارة رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية الى دمشق خلال العام الجاري، زيارة رافقتها تطورات مهمة من قبيل التحركات الأمريكية على الحدود السورية الشرقية، وكذلك التهديدات الصهيونية ضد قادة المقاومة الفلسطينية.
لبحث أهمية التطورات أجرت صحيفة الوفاق الإيرانية حوارا مفصلا مع وزير الخارجية وفيما يلي نص الحوار:
شهدنا خلال الفترة الأخيرة تحّركات من الجانب الأمريكي على الحدود السورية-العراقية، خاصة في المنطقة التي يتواجد فيها الاحتلال الأمريكي، هل تأتي زيارتكم الأخيرة الى سوريا ولبنان تأكيداً على وقوف ايران إلى جانب حلفائها؟
في الحقيقة نحن اليوم نواجه ظاهرتين في سورية، الظاهرة الاولى هي أن العالم العربي برؤية جديدة يسعى لفتح أبواب عودة سورية للجامعة العربية وإعادة فتح السفارات وإقامة الاتفاقیات على مستويات مختلفة مع سورية.
إن العالم العربي ورؤساء الدول العربية والاسلامية في المنطقة، قد يدركوا مكانة سورية بصورة جيدة، وأنها بلد لايمكن حذفه من معادلات المنطقة. ولكن بالرغم من تسارع هذه الظاهرة الإيجابية فإن الناشطين الأجانب وأعداء سورية بشكل خاص مثل أميركا يزيدون الضغوط على الشعب السوري والحكومة السورية، وقد سمعت من السلطات السورية في هذه الزيارة أن الاطراف الاجنبية وأجهزة التجسّس الاجنبية تسعى لإعادة المجموعات الارهابية في منطقة شرق الفرات وادلب لزيادة الضغط على سورية.
وان القوانين المفروضة على سورية من قبل امريكا والمسماة بـ"سيزار" أو "قيصر" تسعى لزيادة العقوبات في الحقيقة، لذلك يبدو أن كل ذلك رداً من أعداء سورية على عودة العلاقات الطبيعية بينها وبين البلدان العربية وبلدان المنطقة .
الأمر الآخر المرتبط بسورية هو موضوع أمن الحدود المشتركة السورية-التركية، وإن السلطات السورية أكدت لنا أنها تتمتع بالجاهزية الكاملة للحفاظ على أمن الحدود السورية-التركية من داخل الأراضي السورية. وفي أخر جلسة من المباحثات الرباعية بين وزراء خارجية ايران وسورية وروسية وتركية في موسكو، قمنا بطرح فكرة باسم الجمهورية الاسلامية الايرانية وهي أن تتفق سورية وتركية على خروج القوات العسكرية التركية من سورية، ولكن بالنهاية هذه المعادلة لديها طرفان، الطرف الثاني هو أن تركية يهمها أمن حدودها مع سورية وأن لاتتعرض للتهديد من قبل المجموعات التي تهدد أمن المنطقة،وهذا أمر صحيح طرحته تركية،لذلك قمنا بطرح مايلي في الاقتراح المعروض من قبل الجمهورية الاسلامية وهو أن تتفق سورية وتركية في هذه الجلسة الرباعية على أن تتعهد تركية أولاً باخراج قواتها العسكرية من سورية وثانياً أن تتعهد سورية بوضع قواتها على الحدود لمنع أي تعرض للأراضي التركية. وتكون كل من ايران وروسية بعنوان ضامن للطرفين.
ألا تعتقدون أن الأمريكان يسعون لقطع العلاقات بين ايران وسورية والعراق للتأثير عليها وعلى اقتصاد دول محور المقاومة عبر عرقلة خط الترانزيت، علاوة على دعمهم للجماعات الارهابية؟
لقد تم طرح هذه المسألة في وسائل الاعلام وبعض وسائل الاعلام تحدثت عن أن أمريكا تقوم بتصعيد عسكري لإغلاق حدود البوكمال ولكن بالتحقيقات التي أجريناها تبين لدينا أنه لاتوجد عمليات نقل على الأرض مما يجعلنا نؤيد هذه الرؤية . ولكن اذا أردنا التطرق للموضوع بأن الامريكان يحاولون قطع الروابط وطرق المواصلات في هذه المنطقة أم لا، فإنهم يسعون لذلك منذ أمد بعيد، ولايمكننا نسيان ذلك عندما كان العراق وسورية يحاربان داعش الذي كان تحت تصرف المخابرات الأمريكية لإغلاق البوكمال وعندها قام الأمريكان بممارسة ضغط كبير لابقاء البوكمال مغلقة. ولكن بفضل التخطيط الذي تم وبناء على المصالح المشتركة بين العراق وسورية تمت اعادة فتح هذه الحدود وهي في الواقع حدود للصداقة والتعاون الاقتصادي المشترك بين البلدين.
وكذلك قمت بالاشارة عند زيارتي الى دمشق وبيروت ففي هذا الوقت لايمكن لأحد أن يغلق الحدود وخطوط المواصلات بين الدول وهذا الموضوع تم طرحه أيضاً بالنسبة بممر زنكزور،فقد وصلنا لمرحلة شعرنا فيها أن الخطة التي تجري بمنطقة القوقاز تسعى الى إغلاق المسير التاريخي والتقليدي بين ايران وأرمينيا،وقد أعلنا أننا لن نسمح بأن يصبح هذا المسير التاريخي والمواصلاتي بين ايران وهذه المنطقة من القوقاز أن تصبح محدودة أو مغلقة تحت تأثير أي مشاريع أخرى، وهذا الموضوع مطابق لما هو بين سوريا والعراق،حتى هذا الوقت حسب التقارير الذي وصلتنا من المنطقة لم نتلق أي تاييد بوجود تنقل يهدف إلى اغلاق حدود البوكمال من قبل الجانب الأمريكي، ولكن لديهم النيّة في ذلك، وسابقاً قاموا بذلك، ولنعرف ما اذا كانوا سيقدمون على ذلك اذا سمحت لهم الفرصة فيجب علينا أن ننتظر لنرى التحولات التي ستطرأ على المنطقة ولكن سورية والعراق لن يسمحا لأي طرف أن يقوم بذلك.
خلال زيارتكم الأخيرة للبنان كان لكم لقاءات هامة مع السيد حسن نصرالله، وقادة الفصائل الفلسطينية، ما الذي جرى خلال هذه اللقاءات، نظراً لأهمية التطورات الذي نشهدها في مواجهة العدو الصهيوني؟
في الحقیقة النظر والاهتمام بمحور المقاومة هوسياسة نظام الجمهورية الاسلامية المبدئية وهي قائمة على الدفاع عن المظلومين والمستضعفين والحفاظ على ثبات وأمن المنطقة،وهذا ما تؤكده ايران دوماً.
في آخر اتصال بيني وبين السيد جوزيف بوريل أنه ادعى أنهم يقولون أن روسيا تستخدم المسيّرات الايرانية في أوكرانيا فقلت له رجاء لاتكرروا هذا الكلام الذي لا أساس له فموقفنا من قضية أوكرانيا واضح بالكامل واننا في سياستنا الخارجية لانجامل أي طرف وقد صرحنا بأننا لم نعطِ أية مسيّرات لروسيا لاستخدامها في الحرب ضد اوكرانيا،ولکن فیما یتعلق بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية ، فإننا وبالرغم من كل العواقب والتبعات التي تلحق بنا قد أعلنا ونعلن صراحة أننا إلى جانب المقاومة.
نعم فنحن نتابع سياسات الجوار وأولية النظر إلى آسيا موجودة في أولوية سياستنا الخارجية وتعاملنا مع الشرق والغرب في العالم مبني على أساس المصالح الوطنية، ولاشرقية ولاغربية هي على أساس استقلالنا السياسي،ولكن المقاومة فهي أحدى الأبعاد المهمة في سياستنا الخارجية. واليوم عندما نتحدث عن المقاومة فاننا نتحدث عن المقاومة ضد مطامع وتعدي واجرام الكيان الصهيوني والمقاومة ضد خطط المجموعات الارهابية في المنطقة، فالدفاع عن المقاومة يعني الدفاع عن الأمن والثبات والدفاع عن السلام.
وفي هذه الزيارة تمكنا من عقد لقاء ثلاثي مع قادة المقاومة، وكذلك بسماحة السيد حسن نصرالله، وكان مثير جداً للاهتمام بالنسبة لي أن أسمع من قادة المقاومة الفلسطينية ومن الأمين العام لحزب الله وأرى عن كثب أنهم في أفضل الحالات من حيث المعنويات والقوة والقدرة على الاجابة، لذلك فكل هذه الضجة التي تحدثها سلطات الكيان الصهيوني المزور نابعة من خوف وقلق وضعف الصهاينة،وأريد أن أقول هذه الملاحظة لشعوب المنطقة، رأيتم في المشهد الليبي كيف كانت ردة فعل الشعب الليبي قبال أحدى اللقاءات وهذه هي حقيقة المقاومة ضد الصهاينة في المنطقة.
أشرتم الى مقاومة الشعوب للتطبيع مع الصهاينة..
شهدنا في بعض الدول القليلة المطبعة مع الكيان الصهيوني أن هذا الأخير يتجاهل حكومات هذه الدول، وإن مؤسساتنا الأمنية والاستخباراتية لديها وثائق مؤكدة ودقيقة على أن الكيان الصهيوني يتجاهل حكومات هذه البلدان، ويقوم بدون علمها بأعمال تخل بأمن المنطقة.
وقد قامت الأقسام الأمنية لدينا باطلاع بعض سلطات هذه البلدان على تلك الوثائق ولذلك فمن المُستبعد الاعتقاد بأن تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني هو أمر جيد للعالم الإسلامي ودول المنطقة. ولکننا قلنا ونقول ذلك بصراحة سواء في اللقاءات الدبلوماسية أو عن طريق الاعلام، أننا ولو إفترضنا سعت كل الدول العربية والاسلامية للتطبيع مع هذا الكيان المحتل الغاصب المزور فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية لن تتراجع عن سياستها بالدفاع عن المقاومة بكل قوتها وقدرتها؛ لأن المقاومة تعني ضمان أمان المنطقة التي نعيش نحن فيها.
بالنسبة للإقتراح الذي طرحه سلطان عمان في موضوع مفاوضات إحياء الإتفاق النووي هل يمكنكم تقديم تفاصيل أكثر في هذا الصدد؟
قام سلطان عمان بطرح بعض الأفكار حول أنه كيف يمكن لجميع الأطراف العودة لتعهداتهم في الاتفاق النووي وقمنا بالاهتمام بأفكار السلطان في الجلسات الدبلوماسية، واذا تمكنا من الوصول الى نقطة توصّلنا لنتيجة سنقوم بإعلامكم.
تعليقك