خبر أونلاین: إن حوادث المنطقة برأی بعض المحللین السیاسیین هی من تخطیط و تدبیر أمریکی یسعى لشرق أوسط جدید. و لو أنه لم یعط نتائجه المطلوبة فی بعض المناطق لکنه اقترب من هدفه إلى حد ما.

محمدرضا نوروزپور

إن حوادث المنطقة برأی بعض المحللین السیاسیین هی من تخطیط و تدبیر أمریکی یسعى لشرق أوسط جدید. و لو أنه لم یعط نتائجه المطلوبة فی بعض المناطق لکنه اقترب من هدفه إلى حد ما. 

 أما فی البحرین فتبدو الأوضاع معقدة بشکل کبیر. ما یحدث فی عالم السیاسة الحقیقی و العلاقات الدولیة أن الشعب البحرینی یرید إحقاق حقوقه الضائعة. لکن ما یشاهد فی المشهد الإعلامی هو أن إیران تصطاد فی الماء العکر و ترید أن تستغل ربیع الحریة والدیمقراطیة فی البلاد العربیة لصالحها وأن تجعل من البحرین بؤرة جدیدة للإسلام الشیعی و مرکزاً للتآمر على العالم العربی السنی بقیادة السعودیة.

لقد أثبتت التجربة لنا أن الإعلام یبث المفاهیم التی یشاء فی أذهان المخاطبین و یرسخها باستخدامه لتقنیات خبریة متعددة و بعد ذلک و على أساس تلک المفاهیم یقوم بردود أفعال أو بإجراءات مما تجعل من المخاطب مقتنعاً و مسوّغاً لتلک التصرفات و الإجراءات التی یقوم بها صانعو تلک المفاهیم.

 إن ما یستنتج مما یعرضه الإعلام العربی و الغربی عن تدخل إیران فی شؤون البلاد العربیة فی الخلیج الفارسی هو أن مفهوم "إیران فوبیا" و الذی کان لمدة مدیدة هدفاً استراتیجیاً للغرب بات یلج فی مرحلة جدیدة یمکن تسمیتها بمرحلة قطف الثمار و إیتاء الأُکُل.

 لا یوجد بین یدینا أیّ دلیل على التدخل الإیرانی فی البحرین و لا فی البلاد الأخرى، لکن الفضاء الإعلامی و الذهنی لقادة العرب مشحون بوجود هذه المؤامرة من قبل إیران. کما أن القیام بإدعاءات کاذبة و الإصرار الکبیر علیها عن طریق بعض القادة العرب و لا سیما السعودیین  و تکرارها و عرضها على الفضائیات الغربیة أوجد زوبعة من الصمت المطبق و الرهیب فی المجتمع العربی.

 زوبعة  الصمت هذه تسببت بوضع ینعدم فیه الاکتراث بما أعترف به الملک البحرینی بنفسه فی اجتماع مجلس التعاون الخلیجی عن عدم وجود أی دلیل یشیر إلى تدخل إیران فی البحرین و حتى وصل الأمر إلى معاتبته فی ذلک الاجتماع أو بعد ذلک على ما تفوه به. حالة الصمت هذه تنشأ عن مؤامرة سیاسیة ذات جذور عمیقة تدیرها مراکز عربیة أمریکیة صهیونیة مشترکة و تلقی بمسؤولیة تنفیذها و ترسیخها فی الأذهان على عاتق الإعلام الإقلیمی و خاصة الإعلام العالمی المسیطر.

لقد أوجد مجلس التعاون الخلیجی المتشکل من ستة بلاد هی السعودیة و الکویت وقطر و الإمارات العربیة المتحدة و البحرین وعمان بقیادة العربیة السعودیة بیئة خصبة للعداء تجاه إیران لا تنشأ عن حقائق دامغة موجودة فی الساحة الدولیة، بل هی صنیعة هذا النسق الإعلامی المسیطر و السائد الذی یستقی حضوره من غرف القیادة الفکریة المقربة من المحافل الصهیونیة أو یتلقى المسارات الخاصة به على أساس نظریة التأسیس لشرق أوسطی جدید من الراسمین الأصلیین لأحداث المنطقة.

و بناءً على هذه التقسیمات المزمعة ینبغی جعل الشعب البحرینی ضحیةً لتأسیس الدرع الدفاعی للخلیج الفارسی و أن نفترض بأن الضحیة التالیة هی العلاقات الإیرانیة العربیة ضمن مساحة أوسع تدعى العالم الإسلامی بحیث یکون تضعیف أو إزالة أی طرف منها لصالح التیار السلطوی فی المنطقة. 

  إن الإعلام الغربی الذی یستقی العرب منه و للأسف جلّ تحلیلاتهم عما یحیط بهم و خاصة عن إیران رسم لبلاد الخلیج هویة عربیة- إسلامیة تعانی من خطر کبیر فی قبال الهویة الإیرانیة - الشیعیة (ولیس الإسلامیة). إن أصدق دلیل على هذه الکذبة الکبیرة هو ما یجری فی البحرین فی هذه المعمعة الإعلامیة بحیث یحق لشعوب مصر وتونس والیمن ولیبیا وحتى سوریة المطالبة بحقوقهم المضیعة سواءً الدینیة منها أو الوطنیة أو بحقوق المواطنة أو بأی شیء آخر فی قالب الیقظة الإسلامیة أو الإنسانیة کما یحلو لهؤلاء المتنطعین فی حین یتهم الشعب البحرینی بتأثره بمؤامرة إیرانیة و تستباح على هذا الأساس حیاته وأمواله.

 یبدو أن الأمریکیین قبل أن یفکروا فی الشأن المصری و التونسی و اللیبی و حتى الیمنی هم بصدد إیجاد حرب جدیدة بین هویتین إیرانیة و عربیة. إن السعودیین یرمون لإیجاد هویة مشترکة مع باقی العرب درءاً لمشاکلهم الداخلیة المتعددة و الأخطار التی تحیق بهم من کل جانب و خاصة ما ینتج عن ربیع الحریة. هذا الاتحاد المتشکل مع جمیع البلاد العربیة التی بدورها تعانی من مشکلات أقل بالنسبة للسعودیة هدفه إیجاد عدو مشترک لها جمیعاً. لو قلنا بصحة النظریة القائلة بأن جمیع أحداث المنطقة هی صناعة أمریکیة، یصبح الأمر بهذا الشکل أن الأمریکیین هم بصدد إرساء قواعد حرب بین العرب و العجم فی منطقة هی الأهم  من الناحیة المالیة و السیاسیة و الجغرافیة على وجه الکرة الأرضیة و ذلک باستغلالهم لحماقة السعودیین و ذعرهم و تعصبهم و بالطبع قدرتهم  التأثیریة على سائر البلاد العربیة و على هذا النحو توقع أمریکا بین عدویها و تؤجج لحرب بینهما. 

 و فی هذا التصور سوف یتصارع العرب ذوو المیول الإسلامیة المتطرفة والمناصرون للقاعدة و الإرهاب مع الإیرانیین الأذکیاء المتطورین الذین یمیلون للإسلام الراقی ویکیلون العداء لأمریکا و إسرائیل و هم الأخطر بالنسبة للحضارة الغربیة. وعندها سوف ترتسم الابتسامة الماکرة على شفاه المؤسسین للفرضیة غیر الثابتة للشرق الأوسط الجدید.

رمز الخبر 146506