٠ Persons
١١ أغسطس ٢٠١١ - ١١:١٣

لقد ادرک الاتراک الان وفی خضم الاحداث والفوضى العارمة ، من ان حماة الاسد هم محل کراهیة الرای العام ومنتقدو الاسد هم محل شعبیة واستحسان. ان معرفة هذا الامر هو شرط ضروری لکنه لیس کافیا.

محمدرضا نوروزپور

ان زیارة احمد داوود اوغلو لدمشق وتصریحاته التی اطلقها لیلة السبت خلال مراسم افطار احدى المؤسسات الخیریة فی اسطنبول اظهرت ان الاتراک یستخدمون استراتیجیة النصر دون خوض الحرب ازاء قضیة سوریا.

ومن اجل فهم هذه الاستراتیجیة یکفی القاء نظرة على اسلوب التعاطی الترکی ازاء کل من الکیان الاسرائیلی، اهالی غزة واخیرا ازاء سوریا.

سابقا کان یتوقع ان تقوم انقرة وبذریعة حقوق الانسان والدفاع عن المواطنین المظلومین فی سوریا الذین یواجهون اشد عملیات القمع من قبل قوات الامن التابعة لبشار الاسد ان تقوم بشن هجوم على هذا البلد ، او بذریعة تنظیم شؤون حشود النازحین جراء الاضطرابات فی سوریا ان تحتل بعض المناطق المتاخمة لحدودها معه.

مع ذلک اظهرت التجربة ان ترکیا ودون خوض الحرب وسفک الدماء وفقط من خلال اتخاذ مواقف اکثر من کونها ذکیة، انها انتهازیة تستطیع الحصول على اهدافها واطماعها التوسعیة. ولاثبات مسألة انتهاز الفرصة فیما یتعلق بنهج السیاسة الخارجیة الترکیة یکفی ان لترکیا اوثق العلاقات الاقتصادیة، التجاریة والعسکریة مع الکیان الصهیونی لکن وعبر اتخاذها مواقف ذات خبرة استطاعت من تبدیل نفسها الى بطل العالم العربی على صعید مواجهة الکیان الاسرائیلی فی الساحة الدولیة.

لم یقم الاتراک یوما بتهدید اسرائیل بالحرب او باتخاذ ای اجراء عملی ضد هذا الکیان لکنهم انتهزوا کافة الفرص المتاحة للافادة السیاسیة من هذا الکیان من بین کافة البلدان الاسلامیة. فیما یتعلق باسطول تحریر غزة اظهرت ترکیا من جدید انها انموذج للشجاعة والجرأة امام الکیان الاسرئیلی وعززت من مکانتها مرة اخرى بین الدول الاسلامیة. حتى فیما یتعلق بعلاقات انقرة- تل ابیب وخلافا لمزاعم وسائل الاعلام التی تحدثت عن ان هذه العلاقات یشوبها التوتر لکنها لم تفرض على کلا الطرفین ایة تکلفة عدا استشهاد عدد من المواطنین الاتراک خلال عملیات انسانیة نیتها فعل الخیر.

والیوم سوریا، تبدلت الى احدى الفرص الخاصة لترکیا. فالاخطاء الفادحة للاسد فی القمع الدموی لابناء بلده اعطى الفرصة للاتراک بان یعتبروا حکومته وبشکل رسمی بانها ظالمة وان شعبه مظلوم وفی هذه الاثناء اظهرت ترکیا نفسها لدى الرأی العام بانها بلد مناصر للمظلومین.

وقال رئیس الوزراء الترکی لیل السبت وبالاعتماد على هذه الاستراتیجیة: اننا لا نستطیع وامام ما یجری الیوم فی سوریا من اخذ دور المتفرج. فلیس بالید حیلة، علینا الاستماع الى صوت الشعب السوری واتخاذ الاجراءات اللازمة على هذا الصعید. اننا نقف الى جانب المظلومین ونتصدى للظالمین. نحن لا نستطیع رؤیة حدوث معاناة کبیرة فی المنطقة اکثر مما هی علیه.

هذه التصریحات ومن دون شک تصریحات ذکیة لکن اکثر من ذلک انها انتهازیة ویشوبها الریاء. فهذه الحکومة التی تتحدث عن الظلم حتى وفی هذه الاوضاع الراهنة اذا ما استلزمت الضرورة تقوم بشن الهجمات بمقاتلاتها على الاکراد الانفصالیین (ب.ک.ک) وتسفک دمائهم ، العمل الذی لطالما اقدمت علیه خلال الخمسین عاما الماضیة بذریعة حفظ النظام.

لکن ما هو الاجراء الضروری الذی ستتخذه ترکیا؟ هل یعنی هذا البلد انه یعتزم احتلال دمشق؟ ام ان ترکیا وباعتبارها احد اعضاء الناتو ستقوم بعمل ازاء الاسد على غرار ما قام به الفرنسیون ازاء القذافی؟.

یبدو ان ترکیا لا تعتزم القیام بای من هذه الامور . فریق اردوغان یتألف من متفکرین سریعوا البدیهة وحاذقون یعتمد اساس عملهم على کشف الفرص الذهبیة للتحلیق ورکوب جناح الرای العام. الاتراک الان یدرکون وفی خضم هذه الفوضى ، ان حماة الاسد هم محل کراهیة الرای العام وان من ینتقده هو محل استحسان ومودة هذا الرأی. ان معرفة هذا الامر شرط ضروری ولکن لیس کافیا. فما یمیز ترکیا عن باقی البلدان هو انها ادخلت هذه المعرفة فی نهجها الدبلوماسی الخارجی.

فاستخدام المشاعر والاحاسیس الانسانیة لرکوب افکار وتطلعات الرای العام هو بحد ذاته احد وسائل استراتیجیة النصر دون خوض الحرب. برایکم ما هی کلفة التی ستتحملها ترکیا فی الدفاع عن الشعب السوری والانتقاد الشدید لبشار الاسد فی الازمة الراهنة ؟ ان الاجابة على هذا السؤال هو امر واضح للعیان. فهذا الموقف لن یحمل انقرة ای کلفة بل وانه سیؤدی الى انتصار الاتراک فی فتح القلوب وافکار الشعب السوری التی ضاقت ذرعا الیوم بالاسالیب البولیسیة للاسد وایضا کافة الشعوب العربیة التی یساورها القلق ازاء اخوانها فی الدین وهذا یعنی النصر دون خوض الحرب.

4949

رمز الخبر 167332