خبراونلاین - هذا الحدیث من الممکن ان یحظى وفی اطار عام ومجمل بموافقة روسیا وامیرکا وربما یمثل اساسا ورکیزة لمباحثات ممثلی هاتین القوتین مع الاخضر الابراهیمی المقرر عقده اواسط الشهر الجاری.
تواجه الازمة السوریة منذ اشهر عدیدة سواء على الصعید الداخلی او المیدانی وفی جانبها السیاسی مأزقا حقیقیا حیث لم تشهد کلا هاتین الساحتین تقدما. فی الساحة الداخلیة وبالرغم من تمکن المعارضین خلال عدة مراحل من السیطرة على مراکز قرب العاصمة دمشق لکن تصدی الجیش السوری لهم اجبرهم على الانسحاب منها فیما بسطت القوات الحکومیة سیطرتها مجددا على هذه المناطق. فی هذه الاثناء ربما یعتقد البعض انه ومن الناحیة المیدانیة باتت القوات الحکومیة فی ظروف افضل مقارنة بالماضی لکن وبالمقابل یعتقد البعض العکس. بکل الاحوال هذه التطورات التی تشهدها الازمة السوریة والتی هی بمقدار وحجم سوریا لطالما کانت قائمة خلال الاشهر العشرین الماضیة لکن الحقیقة هی المأزق الذی تم الاشارة الیه.
فی ذات الوقت وخلال الایام الاخیرة شهدت المنطقة والساحة الدولیة تحرکات تعکس الخروج التدریجی من المأزق السیاسی الراهن. وتم تقدیم العدید من سبل الحل والمبادرات السیاسیة التی تظهر مدى المساعی الرامیة للخروج من الازمة. ربما ان اصدار الاحکام الان وبشکل مبکر حول هذه التغییرات امر متفاءل، لکن جزءا من الادلة یشیر الى ان المأزق الراهن فیما یخص الازمة السوریة لا سیما خارج حدود هذا البلد وعلى وجه الخصوص فی الساحة الدولیة وبین القوى المؤثرة یعیش حالة من التداول وتبادل الآراء ما یبادر الى الاذهان امکانیة توقع حدوث تطورات مهمة خلال المستقبل القریب.
ان التحرکات الاخیرة للاخضر الابراهیمی المبعوث الاممی وممثل جامعة الدول العربیة فی شؤون سوریا ومشاوراته مع مسؤولی واشنطن، القاهرة، دمشق وموسکو الى جانب زیارة الاسبوع الماضی لمساعد وزیر الخارجیة السوری الى موسکو الذی قیل انه حمل رسالة مهمة من بشار الاسد الى روسیا وفی الوقت الذی کان فیه الابراهیمی فی دمشق من الممکن القول انها تمثل مؤشرات حول حدوث تغییرات مهمة.
ربما ان هذا الرأی صحیح وهو ان امیرکا وروسیا توصلتا تدریجیا الى نتیجة مفادها ان مستقبل سوریا بات مصدرا للقلق. فی جبهة امیرکا وبسبب انشطة التیارات المتطرفة المقربة من القاعدة فی سوریا کان هذا القلق قائما منذ فترة. فهم لیس بامکانهم تحدید رؤیة حول مستقبل سوریا فی ظل هذه الاوضاع. من جهة اخرى الروس ایضا قلقون من خروج عدد من مناطق سوریا عن سیطرة القوات الحکومیة کما ان المعارضة المسلحة تقوم بعملیاتها قرب العاصمة لذلک نرى امکانیة قیام الجانبین المضی قدما نحو تسویة سیاسیة لحل الازمة.
فی غضون ذلک کان للسید بشار الاسد تصریحات فی غایة الاهمیة تتضمن نقاطا بارزة.
فی بدایة خطابه تطرق الى توضیح حقائق الساحة السوریة الغرض منها کان تحدی سیاسات امیرکا وحلفاءها فی المنطقة حیث اعتبر ان حضور تیار القاعدة والتفکر التکفیری فی اوضاع سوریا هو امر مستورد یتعارض مع مطالبات الشعب السوری وان سببه الخطأ الکبیر الذی ارتکبه الغربیون کما شن هجوما على عدد من حکومات المنطقة التی تفتقد لتاریخ – کان یقصد قطر – مشیرا الى الشعب السوری بحضارته العریقة وتاریخه العظیم لیس على استعداد للخضوع لسلطة هذه الدول التی تسعى لاستغلال الازمة.
فی ذات الوقت اشار فی جزء مهم من خطابه الى نقاط جدیدة ومهمة: حیث انها المرة الاولى التی یعترف فیها ان امن البلاد بات مهددا مشیرا الى لجوء الشعب السوری لدول الجوار وتشریدهم بسبب ما اعتبره التدخل الخارجی کما طالب المجتمع الدولی اذا ما کان یعتزم مساعدة سوریا، الاهتمام باوضاع الشعب السوری وان على المجتمع الدولی السعی لایجاد تسویة جادة لحل الازمة السوریة.
النقطة المهمة الاخرى فی خطاب بشار الاسد هی تأکیده على ان ای حل لازمة سوریا ینبغی ان یتضمن العوامل الدخیلة ، الداخلیة منها، الاقلیمیة والدولیة. ان طرح هذه القضیة على ثلاث مستویات یظهر ان بشار الاسد والى جانب العدید من الدول التی تعتقد ان الازمة السوریة تتجاوز الحدود الجغرافیة لسوریا، بات یتقبل دور کافة القوى المؤثرة الاقلیمیة والدولیة فی الازمة. فی الحقیقة ان بشار الاسد ومن خلال هذه الرؤیة قام بربط مصیر سوریا بالمبادرات الاقلیمیة والدولیة. ما یبادر الى الاذهان من خلال هذا الاطار وجود نوع من التنافس الدولی على صعید الازمة السوریة.
النقطة الثالثة والجدیرة بالتمعن فی خطاب بشار الاسد هی عرض تسویة عملیة تتضمن وقف اطلاق النار، عقد حوار وطنی شامل، صیاغة میثاق وطنی وتشکیل حکومة شاملة. هذا یظهر انه بات قریبا من مبادرة الاخضر الابراهیمی وانه یقبل اتفاقیة جنیف. بالطبع موضوع وقف اطلاق النار یتصدر اولویات کافة المبادرات لکن موضوع الحوار الوطنی الشامل یمکن فیه اشراک کافة الاطیاف المعارضة سواء فی الداخل او الخارج والتی لم تحظى لحد الان بقبول بشار الاسد ما یستدعی هذه المرة رغبته باجراء حوار بمشارکة کافة الاطیاف الداخلیة والخارجیة.
اما تشکیل حکومة شاملة وتاکید الاسد على هذه القضیة امر مهم ایضا. بالرغم من عدم حدیثه عن صلاحیات الحکومة الشاملة ومقدارها لکن هذا یظهر انه مستعد للدخول فی مرحلة انتقالیة. هذا الحدیث فی اطار مجمل من الممکن ان یحظى باتفاق من قبل روسیا وامیرکا وربما یمثل اساس ورکیزة لمباحثات ممثلی هاتین القوتین مع الاخضر الابراهیمی المقرر عقده اواسط الشهر الجاری.
هذه التطورات فی حال توصلها لاتفاق من الممکن ان تفضی الى آفاق لخروج محتمل اما تدریجی من المأزق السیاسی للازمة السوریة عقب مضی اثنین وعشرین شهرا.