خبراونلاین – قال محمد ایرانی، انه ونظرا للفوز الکاسح الذی حققه الاخوان فمن المرجح ان یتقلد اعضاء حماس زمام السلطة فی حال اجراء انتخابات فی فلسطین.



ان حکومة الوحدة الوطنیة على اعتاب التشکیل، ونظرا للاتفاقیات التی تم التوصل الیها بین حرکتی فتح وحماس واعادة النظر فی مواقف مقاومة هذه الحرکة، یقال، ان صفحة جدیدة سیتم طیها فی تاریخ فلسطین متأثرة بتطورات المنطقة العربیة. فی غضون ذلک اسفر موضوع تراجع حماس امام فتح وتعدیل مواقفها المتعلقة بالمقاومة عن ظهور تفسیرات مختلفة بحیث ان بعض المراقبین لقضایا فلسطین یرون ان اعادة النظر فی مواقف حماس من الممکن ان یذهب بهذه الحرکة الى ذات المصیر الذی اتسم به قادة التطبیع فی فلسطین.
هذا واستضاف موقع خبراونلاین الاسبوع الماضی محمد ایرانی، سفیر ایران السابق فی الاردن حیث ناقشنا معه مواضیع نقل مکتب حماس من سوریا الى الاردن وکذلک التحرکات الاخیرة لهذه الحرکة فی المنطقة ،  الیکم تفاصیل هذا الحوار:
فی البدایة لنتحدث عن مکانة حماس عقب التطورات التی شهدتها المنطقة العربیة.
ارى من الضروری فی البدایة الحدیث عن کیفیة تشکیل حماس، او حرکة المقاومة الاسلامیة فی فلسطین اواخر عقد الثمانینات 1980 اثر بدء الانتفاضة الفلسطینیة الاولى حیث اعلنت عن وجودها عبر التعریف باهدافها النضالیة والمقاومة وعملت على حشد وتنظیم الافراد داخل فلسطین. ونظرا لتغلغل حماس بین ابناء الشعب الفلسطینی نجد ان هذه الحرکة شهدت انتشارا ونموا مطردا.
وما هی اسباب شعبیة حماس؟
ان الشعب الفلسطینی وعلى مر سنین مدیدة قام بتجربة العدید من التیارات الفکریة مثل القومیة، الشیوعیة وحتى البعثیة لکنه لم یصل للغایة المرجوة. لکن وفی ظل المیول الاخوانیة (الاخوان المسلمون) لقادة هذه الحرکة ونهج المقاومة الذی یتسم به هذا التیار انضم العدید الى هذه الحرکة وفی نهایة المطاف اتخذت حماس قوامها الاساسی عبر دعم الناس واستطاعت الانتشار بسرعة. فی بادئ الامر واجهت الحرکة مشاکل عدة حیث تم التعرف على اعضاءها ومن ثم اعتقالهم ، بالاضافة الى تصفیتهم عبر عمیلیات الاغتیال ما اسفر عن مغادرتهم لفلسطین ، ومن ضمن هؤلاء الشیخ احمد یاسین والدکتور عبد العزیز الرنتیسی الذین تم اغتیالهم من قبل الکیان الاسرائیلی.هذه القضایا ادت الى ان یکون لحماس فرعین. فرع خارج فلسطین او ما یعرف بمکتبها السیاسی وفرع داخلی فی فلسطین.
کما اسفرت التطورات اللاحقة فی ایجاد مشاکل عدة لحماس ومن ضمنها احتلال الضفة الغربیة وقطاع غزة مجددا من قبل شارون ما بات یعرف بانتهاء اتفاقیة اوسلو وقطع الارتباط الفلسطینی بالخارج.
لذلک فان ما نعرفه الیوم عن حماس الخارج هو فعالیاتها السیاسیة ونشاطاتها الدولیة من قبل مکتبها السیاسی الذی یتمرکز فی دمشق وغالبا ما یتضمن الارتباط بکافة الدوائر الاقلیمیة والدولیة. فی عام 2005 شهدنا اجراء انتخابات برلمانیة فی فلسطین وعلى الرغم من کافة القیود التی فرضت حینها شارکت فیها حماس باعتبارها احدى فصائل المقاومة ذات الایدیولوجیة الخاصة.
الا تعتبر مشارکة حماس فی الانتخابات نوعا من قبول التطبیع؟
لقد رفضت حماس ومنذ بدایة تاسیسها ای نوع من انواع التطبیع وهو امر تم ادراجه فی میثاق هذه الحرکة. کما ان هناک آراءا ارتأت انه اذا ما کان رای الشعب الفلسطینی دخول حماس الى الساحة وحصولها على الاغلبیة فان ذلک سیتمخض عنه تشکیل حکومة وفقا لاراء حماس ولیس وفقا لاتفاقیة اوسلو. لکن احتلال غزة من جدید من قبل اسرائیل اسفر عنه الاعتقاد بعدم وجود اوسلو. وفی الواقع ان مشارکة حماس فی الحکومة تاتی فی سیاق الترتیب الجدید للحکومة الفلسطینیة. حیث استطاعت حماس کسب 70 بالمئة من مقاعد الانتخابات البرلمانیة عام 2005 وکان من المفترض تعیین رئیس وزراء من قبلها. واجبر عباس حینها على قبول انتصار هنیة ، لکن القوى الاقلیمیة فوجئت بهذا الانتصار وبذلت الجهد لادارته وادخال حماس فی العملیة السیاسیة بغرض تضعیف المقاومة.
المشکلة الاخرى کانت اسرائیل التی انتابها القلق على امنها اثر تولی حماس السلطة، لذلک توصلت لاتفاق حول تولی 50 بالمئة من السلطة من قبل حماس وال 50 الباقیة من قبل فتح بالاضافة الى بقاء الوزارت السیادیة مثل الاستخبارات والداخلیة بید عباس.
اسفرت هذه التناقضات والتحدیات الى سحب عباس لوزرائه من الحکومة ودخول اسرائیل الاراضی المحتلة واعتقال غالبیة نواب حماس فی الضفة، واعقب ذلک سقوط الحکومة واعلان اسماعیل هنیة انه وبسبب حصدهم للاغلبیة سیقوم شخصیا بتشکیل الحکومة. من جهته لم یبدی عباس تعاونا على هذا الصعید وفی النهایة اعلنت حماس تشکیل حکومتها فی قطاع غزة. اعقب ذلک مساع کثیرة من قبل القوى الاقلیمیة والدولیة لاعادة غزة ، منها حرب الـ 22 یوما والحصار الاقتصادی الذی لا یزال قائما.
وما هو التغییر الذی طرأ على اوضاع حماس اثر الثورات العربیة التی بدات منذ اواخر 2010 ؟
ان لتطورات منطقة الشرق الاوسط تاثیر على کافة الاوضاع السیاسیة، وان حماس لا تستثنى من هذه القاعدة ، فقد توصلت حماس الى ضرورة تطبیق اوضاعها مع الاوضاع الجدیدة والافادة من الظروف الراهنة. وبکل الاحوال وفی فلسطین نرى ان فتح وحماس وکافة الفصائل الفلسطینیة تاثرت بهذه التطورات لکن تعاطیها مع هذه الاوضاع کان مختلفا، ونرى ان تعاطی حماس تم تعریف تفسیرین له:
النظرة الاولى المتشاءمة والتی تقول انه وعقب التطورات الاخیرة نرى ان حماس لطالما سعت الى تحصیل  السلطة والاقتدار فی فلسطین ورات ان الاجواء مواتیة واقدمت على تغییر مواقفها. فمع تولی الاخوان للسلطة فی العدید من بلدان المنطقة اسفر هذا الامر عن تولی حلفاء حماس الفکریین والعقائدیین للسلطة ما ادى الى ایجاد افضل الظروف لازالة بقایا تیار فتح والسلطة الفلسطینیة من الساحة بشکل سلمی. هذه النظرة ترى انه وفی ظل  الظروف الراهنة نرى ان حماس تسعى لتولی السلطة بشکل تام ونرى ان الفرضیة التی کانت تتحدث عن تبدیل حماس ال حزب سیاسی تدریجیا وتخلیها عن مواقف المقاومة باتت ظروفها متوفرة. ونرى ان مصر وتونس الجدیدتان قامت بتطبیع العلاقات مع اوروبا والغرب وامیرکا، وان هذه الظروف باتت مهیئة ایضا لحماس لتتخلى تدریجیا عن مواقف المقاومة واعداد نفسها للخیار المقبل فی ایجاد تیار سیاسی وتشکیل حکومة اخوانیة فی فلسطین منشاها الاخوان المسلمین.
اما النظرة الثانیة المتفائلة فتعتقد ان حماس الیوم لم تعد مثل حماس الماضی المحاصرة فی غزة ، ونظرا للتطورات الاخیرة وصعود الاخوان، بات هناک اجواء جدیدة لحماس للعب دور اکبر یتجاوز الدور الذی عرفته لنفسها فی نطاق حدود غزة ویماشی ایران و سوریا. وترى هذه الفرضیة ان تغییر نهج حماس لایعنی تطبیعها مع اسرائیل والاعتراف بها بل ان نهجها الجدید یتطلع نحو المستقبل للعبور من هذه المرحلة ومواکبة رکب التطورات فی المنطقة.
هناک فرضیة ترى ان تعدیل حماس لمواقفها حول المقاومة سیصیبها بذات المصیر الذی اصاب قادة التطبیع فی فلسطین. الى ای مدى یمکن قبول هذه الفرضیة؟
فی ظل المرحلة الراهنة یتم متابعة موضوع الوحدة بین حماس ومحمود عباس والسلطة الفلسطینیة بشکل تدریجی ومرحلی. فقد اعلن الجانبان ان الوحدة والتطبیع تصب فی صالح الشعب الفلسطینی وینبغی ایجاد الوحدة فیما بیننا. لکن حماس لن یکون مصیرها مصیر عرفات. کما اشرت لا ینبغی النظر الى حماس الیوم على انها حماس الامس. حماس الیوم خرجت من نطاق غزة ودخلت مختلف المیادین حیث راینا ان نبیل العربی وعقب لقائه مشعل الشهر الماضی اعلن رسمیا ان خالد مشعل قدم خدمات کبیرة للعالم العربی فیما یخص القضیة السوریة واقناع بشار الاسد، ای بات لحماس دور یفوق الداخل الفلسطینی.

وکیف ترى دور الجهات الاقلیمیة فی سیرهذه العملیة؟ فقد اقدم القطریون على طرح مبادرة لعقد مفاوضات الوحدة بین الفلسطینیین ، الا تسهم هذه الخطوة من تقلیل اقتدار باقی اللاعبین الاقلیمیین ومن ضمنهم ایران؟
اعتقد ان الاتصالات الاخیرة لحماس وارتباطها مع المحیط العربی یجب النظر الیه وتقییمه فی اطار کافة القضایا الاقلیمیة. مثلا الاخوان المسلمون مستعدون لمنح الجهة المقابلة (المجلس العسکری) امتیازات کما انهم مستعدون لایجاد علاقات حسنة مع الدول العربیة ومن ضمنها قطر. لقد لعبت قطر دورا فاعلا فی الثورة المصریة ودعمت الاخوان المسلمین. لا ینبغی ان ننسى دور قناة الجزیرة فی انتصار الثورات العربیة ومنها ثورة مصر.
ان نرى حماس تسعى لتوثیق علاقاتها مع بلدان التطبیع العربیة لا یعنی ان حماس قامت بتقدیم کافة التنازلات، انها تنظر للقضایا على شکل مراحل. اولا ینبغی ان نعلن ان فلسطین تقبل کافة المساعدات العربیة، وان القطریین قدموا العون لها فی حرب ال 22 یوما کما انهم ساعدوا لبنان ایضا.

ما مدى جدیة انتقال مکتب حماس الى الاردن؟
ان قطر تسع الى نقل مکتب حماس من سوریا الى الاردن، ولطالما کان موضوع ایجاد علاقة حسنة مع الاردن محل ترحیب من قبل حماس، لا ینبغی اعتبار هذا ، اتکاء حماس واعتمادها على قطر بل انه یاتی بسبب الدور المحدود لایران وسوریا. حماس حلیف استراتیجی لنا لکنها لا تعتبر خیارا استراتیجیا. ینبغی على ایران عدم الاکتفاء بحماس بل علیها السعی لایجاد مجالات اخرى لها فی فلسطین. على کل وبالرغم من الحدیث عن نقل مکتب حماس من سوریا الى الاردن لکن هذه الحرکة لا تزال وفیة لجبهة سوریا ولاتزال تحتفظ بمکتبها هناک.
لماذا تعتقدون ان حماس لن تکون تیارا تطبیعیا؟
یرى العدید من المراقبون ان هناک ادلة کثیرة تظهر ان اوضاع حماس لن تکون کما هی علیه اوضاع فتح:
اولا، تحظى حماس بتجربة فتح ونهایة عرفات وتعی جیدا انه فی حال التطبیع مع اسرائیل مثل فتح ففی نهایة المطاف ستواجه مصیر عرفات.
ثانیا، حماس حرکة سیاسیة-دینیة وتعلم جیدا ان ایدیولوجیة الحرکة عبارة عن معتقدات دینیة واسلامیة تحوول دون التطبیع مع اسرائیل ، على عکس الفکر العلمانی لفتح.
ثالثا، تعلم حماس انها وصلت الى ما هی علیه بواسطة الناس الذین ناضلوا وقاوموا ولا یمکن لحماس الابتعاد عن هؤلاء او تجاهلهم. انها تعرف جیدا ان اقتدارها السیاسی منشاه الناس ومن هنا تتحرک فی الاطار الشعبی.
رابعا ان الشخصیات البارزة فی حماس لا تظهر ابتعادها عن ایدیولوجیة هذه الحرکة.
ان الشخصیة السیاسیة لاسماعیل هنیة، خالد مشعل و ابو مرزوق لیست کشخصیة الفتحاویین بحیث تعترف باسرائیل، وهذه العوامل تسهم فی خفض مصادر القلق.
لکن هناک قضایا خارجة عن ید الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة ولا یمکن لایران عمل شئ للحیلولة دونها. تواجه حماس ضغوطا داخلیة شدیدة، بسبب انها من جهة تلتزم بالوقوف فی خط المقاومة (ایران وسوریا). وهو المحور الذی کان الى الان محل وفاءها. ای انها من جهة تعی ان کل ما لدیها هو من المقاومة لکن من جهة اخرى تشعر انها وبالاتکاء على القاعدة الشعبیة یمکنها التوجه نحو المیول السیاسیة للاخوان المسلمین. ترى حماس نفسها فی المضی خلف نهج الاخوان المسلمین على الصعید الدولی. لکن وبسبب الانتقادات الراهنة ودعم اخوان المسلمین فی سوریا من قبلها نراها خرجت من هذا البلد.
ان الوضع الراهن صعب للغایة بالنسبة لحماس، ای الاختیار بین الاخوان المسلمین وبشار الاسد. فبشار الاسد لطالما کان ملجا لهذه الحرکة على مر سنین مدیدة ومنحها مکتبا سیاسیا فی سوریا. والیوم نرى ان حماس مجبرة على الوقوف الى جانب بعض اعداء الاسد.
لذلک نجد حماس تسعى الى عدم الکشف عن موقفها فی الخارج، فیما یعلن مکتبها السیاسی انه متمسک بالوفاء لبشار الاسد نرى فی الداخل انها تدعم الاخوان المسلمین فی سوریا وهذه حقیقة لا یمکن کتمانها.30349


 

رمز الخبر 181868