واجهت الدورة الثانیة لرئاسة نوری المالکی للحکومة ومنذ بدءها صراعات و رهانات من قبل الاطیاف السیاسیة فی العراق واتخذت هذه الصراعات هذه الایام منحى جدیدا لها. منذ تشکیل الائتلاف الحکومی عقب 9 اشهر من المماطلات والمساومات من قبل الاحزاب والصراع على المحاصصة اثر الانتخابات البرلمانیة فی 2010 یرى المالکی غیر مصدقا ما یشهده من تنصل رفاق دربه الشیعة ومواجهتهم له. فها هو مقتدى الصدر نراه عاقد العزم للتصدی لرئیس الوزراء واعلن فی تصریح غریب انه یدعو الى تقدیم المالکی لاستقالته. الاضلاع الثلاثة لهذا المثلث ای الاکراد، العراقیة وتیار الصدر یسعون الى تنفیذ مشروع قرار سحب الثقة من المالکی فی البرلمان. ومع هذا وبالنظر للخلافات وتعدد الفئات بین معارضی المالکی یرى العدید من المراقبین عدم امکانیة استمرار الازمة الراهنة ویعتقدون ان رئیس الوزراء وبالرغم من کل الضغوط الداخلیة – التی تدار من الخارج – یتمتع بموقف اقوى واشد. وفی هذا السیاق اجرى موقع خبراونلاین حوارا مع رضا میرابیان، الدبلوماسی السابق للبلاد وخبیر قضایا الخلیج الفارسی لتسلیط الضوء على الاجواء الراهنة التی تسود العراق والتحرکات الاخیرة لمقتدى الصدر .. الیکم تفاصلیه:
نرى ان مقتدى الصدر قد شد العزم للتصدی للمالکی ترى ما هی الاسباب الکامنة وراء هذا الامر؟
لقد اتهم الصدر المالکی منذ شهرین او ثلاثة بالدکتاتوریة واشار فی هذا المضمار الى ان المالکی یتفرد برایه وان لدیه نوع من الاحتکار. ان تصریحات الصدر هذه هی رای شخصی ولا تمثل معیارا لاستقالة المالکی او اقالته. ان اقالة المالکی او تنحیته امر له آلیاته الخاصة احدها الدستور ای ان تحقیق هذا الامر یتطلب کسب غالبیة الاصوات فی مجلس النواب و طلبا من رئیس الجمهوریة. بالطبع حتى الیوم لم یحدث ای من هذه الامور ولا یزال معارضی المالکی لا یشکلون اغلبیة مجلس النواب لیتمکنوا من استجوابه او اقالته. لذلک لا یعتبر رأی الصدر قاعدة یستند علیها لاقالة المالکی. لکن ما یبعث على الاسف هو لماذا تزامن طلب الصدر واصراره على اقالة المالکی مع اصرار قائمة العراقیة. قائمة یعلم جمیعنا بتاریخها وخلفیاتها وتوجهاتها، العراقیة تیار على صلة بالدول العربیة فی المنطقة، تیار بعثی مناهض للشیعة. من جهة اخرى اسهم الاتحاد مع الاکراد فی خضم هذا المعترک على تشدید الضغوط. فی الحقیقة الى جانب موقف مقتدى الصدر نرى ان هذه التیارات الثلاثة متفقة على اقالة المالکی. وهو موضوع جدیر بالتمعن. فی حین ان بعض دول المنطقة تصر على هذا الموضوع ما یثیر علامة استفهام کبیرة ویبعث على التاسف فی اسباب وقوف الصدر الى جانب هؤلاء بدلا عن وقوفه الى جانب الحکومة ووحدة الشیعة والائتلاف الوطنی الشیعی واتخاذه موقفا یفکک الشیعة.
لقد طالب المالکی خلال الاسابیع الاخیرة میلیشیات تیار الصدر بالقاء السلاح وتسلیمه للحکومة. ترى هل یمثل الموقف المتشدد لمقتدى الصدر ردا على طلب المالکی؟ الصدریون الیوم هم جزء من الائتلاف الحکومی ویتولون مناصب وزاریة فی العراق، ترى ما هی اسباب هذا الاختلاف و التفرقة بین الشیعة؟
جدیر بالذکر هنا الاشارة الى ان العدید من الجماعات السیاسیة العراقیة وعقب انهیار النظام السیاسی فی العراق عام 2003 والاطاحة بصدام کان لها مجموعة من المسلحین والمیلیشیات التابعة لها لکن هذه المجامیع وبمرور الزمن قللت من مواقفها العسکریة فیما لا یزال عدد منها یحمل السلاح حتى الیوم وهذا لا یعنی انها خارج نطاق السیطرة ولا تتمتع بالتنظیم. عندما یدخل فریق سیاسی فی العمل السیاسی والحکومة فهو مضطر للانصیاع للظروف السیاسیة للبلاد وللحکومة. لکن نرى الیوم وجود ظروف تحمل الصدر على بذل کافة جهوده للضغط على المالکی ولا مناص للمالکی سوى تشدید الضغوط على الصدر وغض النظر عن کافة اوجه التسامح والتساهل التی اظهرها فی السابق لمقتدى الصدر.
لا یمکن القول ان هناک اختلاف بین کافة افراد الشیعة. فی الحقیقة نرى الیوم الصدر فی جهة وباقی الشیعة فی الجهة المقابلة. نجد الشیعة من حزب الدعوة، جماعة الجعفری، جماعة الجلبی، حزب الفضیلة والمجلس الاعلى لدیهم ذات الرای الذی یشدد فی ظل هذه الظروف على دعم حکومة المالکی ونبذ الفرقة بین الشیعة. فی الحقیقة نجد الصدر الیوم ینفرد بتحرکاته حتى ان بعض اعضاء التیار الصدری لا یؤیدون هذه التحرکات. هناک تقریر یشیر الى ان احد وزراء الصدر فی وزراة العمل والشؤون الاجتماعیة اعلن انه غیر مستعد لمماشاة واتباع هذه السیاسة وان بعض افراد التیار لا یرغبون بالوقوف الى جانب علاوی والعراقیة والاکراد.
ترى ما مدى جدیة موضوع سحب الثقة من رئیس الوزراء العراقی؟
ان تفعیل هذا الاجراء امر مستبعد للغایة. لان لا وجود للانسجام حتى داخل العراقیة والاکراد حول سحب الثقة من المالکی. اما بین الشیعة فهناک جماعة الصدر فقط هی من اتخذ هکذا موقف وهو لا یحظى بتایید کافة اعضاء الجماعة. واستنادا للتقاریر الواردة من العراق، فان 182 نائبا لا یزالون یؤیدون المالکی. ویبدو ان العراقیة والاکراد والصدریین سیتمکنون بصعوبة من اتخاذ الاجراءات اللازمة لسحب الثقة من المالکی.
وهل ترى ان الازمة الراهنة هی سحابة عابرة او ان تداعیاتها ستکون ذات نطاق واسع؟ وما هی توقعاتکم للمستقبل؟
ارى ان الازمة الراهنة هی ازمة عابرة ولن تخرج عن السیطرة . لقد طوى العراق تجارب دامیة ولا رغبة لدیه بالعودة الى الماضی المریر والمظلم. فضلا عن ان المسؤولین العراقیین یتمتعون بنضج وتجربة جیدة ومن الطبیعی ان لا تخرج هذه الازمة عن نطاق السیطرة وان هناک امکانیة للتحکم بالاوضاع واخیرا انها لن تخرج عن نطاقها السیاسی والقانونی.
30349