قال قدری جمیل نائب رئیس الوزراء للشؤون الاقتصادیة وزیر التجارة الداخلیة وحمایة المستهلک:' إن الحکومة السوریة الحالیة وضعت علی جدول أعمالها هدف المصالحة الوطنیة مؤکدا أن هذا الهدف یتطلب البدء بعملیة سیاسیة شاملة تؤمن المخرج الآمن للوضع القائم فی سوریة'.

 

 وافادت وکالة الانباء السوریة ' سانا ' ان جمیل اوضح فی مؤتمر صحفی مشترک مع وزیر الدولة لشؤون المصالحة الوطنیة علی حیدر فی موسکو مساء أمس الثلاثاء أن الوفد الحکومی السوری بحث بشکل مفصل خلال لقائه مع وزیر الخارجیة الروسی سیرغی لافروف آفاق حل الأزمة فی سوریة لأنها تسبب نزیفا من الدماء وتضغط بشدة علی الاقتصاد السوری بما ینعکس سلبا علی حیاة ومعیشة المواطنین السوریین.

وأضاف جمیل: ' إن موقفنا واضح منذ البدء فی حل هذه الأزمة فیجب الذهاب إلی الحوار دون شروط مسبقة لأن وضع الشروط المسبقة من أجل بدء الحوار هو عملیة عرقلة لبدء هذا الحوار ومن یرید البدء به فعلیه أن یذهب إلیه فورا وأن یضع أفکاره وتصوراته حول حل الأزمة وحول تصوره لسوریة القادمة الجدیدة والمتجددة علی طاولة الحوار'.

وأشار جمیل إلی أن هناک مبادئ للحوار لا بد من الالتزام بها من أجل اطلاق طاولة الحوار مبینا أن هذه المبادئ أضحت معروفة وهی تتمثل برفض التدخل الخارجی بکل أشکاله ورفض العنف بکل أشکاله مؤکدا أن طاولة الحوار لا یمکن أن تکون مجالا للحوار حول جواز وعدم جواز التدخل الخارجی وجواز وعدم جواز استخدام العنف موضحا أن هاتین القضیتین لیستا شروطا وإنما مبادئ لأن الحوار سیحکم علیه بالفشل إذا لم یکن قد تم الاتفاق علی هذین المبدأین وإذا تم الاتفاق علی هذه المبادیء فإن الأمور الأخری ستصبح قابلة للحل عبر الحوار الذی یهدف للوصول إلی توافق.

وحول العقوبات الامریکیة والأوروبیة المفروضة علی سوریة أوضح جمیل أن سوریة تعانی من عقوبات جائرة وغیر شرعیة ووحیدة الجانب من قبل الاتحاد الأوروبی والولایات المتحدة الامریکیة مؤکدا أنها لا تستهدف النظام کما ادعی هؤلاء بل أصابت جمیع أفراد الشعب السوری.

وبین جمیل أنه تم بحث هذه القضیة بشکل موسع مع لافروف لافتا إلی أن الوفد الحکومی الاقتصادی السوری الذی قام بزیارة موسکو مؤخرا أجری تفاهمات عدیدة مع الجانب الروسی تتطلب مراقبة التنفیذ والبحث من أجل دفعها إلی الأمام مؤکدا أن الحکومة السوریة علی أساس الهدف الذی وضعته الحکومة فی بیانها أمام مجلس الشعب ترید جدیا الاتجاه شرقا وهذا الاتجاه بالنسبة لنا هو العلاقات مع کل الدول والشعوب التی تشابهنا وتتماثل أوضاعنا معها تاریخیا کروسیا والصین والهند وفنزویلا.

وأضاف جمیل: 'إن الموقف الغربی الأمریکی الأوروبی من قضیة العقوبات هو موقف منافق وأضر کثیرا بالشعب السوری الذی یعانی کثیرا الیوم جراء هذه العقوبات وبما أن الصدیق عند الضیق فنحن شعرنا من قبل الجانب الروسی وکل أصدقائنا الآخرین بأنهم یریدون مساعدتنا من أجل تخفیف آثار العقوبات علی المواطنین السوریین'.

ولفت جمیل إلی أن الأزمة الرأسمالیة العظمی الیوم تفتح فرصة تاریخیة لهذه الشعوب کی تنفلت من السوق الرأسمالیة العالمیة لتغییر مبادئ نظام التبادل اللامتکافیء العالمی لأنها ستخفف کثیرا من الاضطهاد الذی عانت منه کل هذه الشعوب والذی ساد خلال فترة الاستعمار الجدید وکان مباشرا خلال فترة الاستعمار القدیم مشیرا إلی أن التوجه شرقا بالنسبة للحکومة السوریة هو شعار استراتیجی وجدی جدا وهی مصرة علی السیر فی هذا الاتجاه ومن هنا ضرورة تکثیف لقاءاتنا مع کل الأصدقاء.

وأضاف جمیل: ' من هنا تأتی أهمیة وجدیة التوجه شرقا بهدف حل الکثیر من الإشکالات التی أفرزتها الأزمة والعقوبات الغربیة الظالمة وحیدة الجانب التی أضرت کثیرا بالاقتصاد السوری وأغلقت الخطوط الوسیطة التقلیدیة التی یجری عبرها الاستیراد والتصدیر والتی أغلقت من جانب آخر أیضا خطوط النقل البحری والبری والجوی الذی کان یتم عبره التبادل الاقتصادی بین سوریة والعالم الخارجی'.

ولفت جمیل إلی أن لدی الحکومة السوریة بدائل وخیارات أخری کفیلة بتأمین کل ما یلزم الاقتصاد السوری فی إطار عملیات التبادل التجاری والاقتصادی الخارجی بما ینعکس إیجابا علی آثار وتداعیات الأزمة ویضع أساسا عمیقا للتطور السوری اللاحق علی المدی المتوسط والبعید.

وردا علی سؤال حول التهدیدات الأمریکیة بالتدخل العسکری المباشر فی سوریة قال جمیل: 'إن التدخل العسکری المباشر فی سوریة مستحیل لأن من یفکر به یقدم علی مواجهة أوسع من حدود سوریة' مؤکدا أن التهدیدات التی أطلقها الرئیس الأمریکی باراک أوباما مؤخرا هی نوع من الألاعیب التی تتم فی إطار الحملات الانتخابیة الأمریکیة القادمة.

وقال جمیل:' إن فرض طلب التنحی من الخارج یمثل سابقة خطرة فی العلاقات الدولیة وهو مساس بحق الشعب السوری فی تقریر مصیره والاستیلاء علی هذا الحق هو عملیا إساءة ووصایة علی الشعب السوری الذی لدینا ثقة عمیقة بوطنیته وبقدرته علی مواجهة جمیع الاستفزازات والحیل الخارجیة'.

بدوره قال علی حیدر وزیر الدولة لشؤون المصالحة الوطنیة: 'إن موقفنا من الأزمة فی سوریة واضح منذ البدایة وحتی الآن وحتی قبل وجودنا فی الحکومة وبعد مشارکتنا فیها من جهة وقف العنف بغض النظر عن مستوی هذا العنف الذی یرتفع یوما بعد یوم' مؤکدا أن وقف العنف یحتاج إلی مناخ دولی یساعد الأصدقاء علی تحضیره وفرضه علی المستوی الدولی وفی المحافل الدولیة لأن هذا یساعد کثیرا علی الذهاب بالملفات الأخری داخل سوریة لمصلحة المصالحة الوطنیة الشاملة والنهائیة.

وأضاف حیدر: 'إن العملیة السیاسیة للمصالحة الوطنیة یجب أن تبدأ بعد وقف العنف مباشرة ووقف العنف یجب أن یکون المقدمة الأساسیة للعملیة السیاسیة لأنه لا یمکن الذهاب إلی عملیة سیاسیة علی أرض متحرکة وتحت ضغط الاشتباک العسکری لأننا نذهب بذلک إلی عملیة من نوع آخر.

وأشار حیدر إلی أن وقف العنف یحتاج إلی خارطة طریق وإلی عناوین واضحة وصریحة وهی وقف إطلاق النار والاعتراف بوجود سلاح شرعی واحد هو سلاح الدولة إضافة إلی إیجاد آلیة لتسلیم السلاح غیر الشرعی علی أن یتحول کل حاملی هذا السلاح إلی العملیة السیاسیة لیس علی قاعدة الهزیمة والانکفاء بل علی قاعدة التحول إلی الموقع الطبیعی لکل السوریین وهو الانخراط فی حراک سیاسی واضح وتخلیق وإیجاد من یمثلهم فی العملیة السیاسیة التی یحضر لإطلاقها فی الأیام القادمة للذهاب إلی طاولة الحوار علی أرضیة ثابتة وواضحة لمصلحة الخروج من الأزمة لمصالحة وطنیة شاملة تضمن حقوق الجمیع وتؤمن مصالحهم دون استثناء.

وبین حیدر أن هناک تعتیما إعلامیا غربیا خارجیا کبیرا علی عمل وزارة شؤون المصالحة الوطنیة حتی لا یقال إن هناک إرادة سیاسیة سوریة لحل الأزمة عبر عملیة سیاسیة وحتی یقال إن الحل الوحید للأزمة السوریة من خلال الاستعصاء القائم هو بعمل عسکری وتدخل خارجی فی الشأن الداخلی السوری مشیرا إلی أن انشاء وزارة المصالحة الوطنیة هو أحد عوامل منع التدخل الخارجی وأن حل الأزمة فی سوریة سوری بامتیاز علی أرض سوریة ومن خلال مشروع سوری وبین أناس سوریین.

وقال حیدر: 'إن العملیة السیاسیة مفتوحة ومتاحة أکثر من أی وقت مضی وهی المخرج الوحید للأزمة السوریة ونحن نقول دائما أنه لا إقصاء لأحد علی طاولة الحوار ولا شروط مسبقة للحوار والأبواب مفتوحة والأیدی ممدودة لجمیع السوریین دون استثناء ولا یوجد هناک شیء ممنوع طرحه لبحثه علی طاولة الحوار علی أساس المسؤولیة المشترکة لإخراج سوریة من أزمتها علی قاعدة أن المصلحة التی نبحث عنها جمیعا هی مصلحة الوطن والشعب السوری والخیارات الاستراتیجیة لسوریة تاریخیا'.

وأضاف حیدر:' نحن مطالبون الیوم أکثر من أی وقت مضی بالذهاب إلی مصالحة وطنیة حقیقیة علی قاعدة تخفیض الاحتقان وإزالة آثار الماضی من خلال مجموعة من الإجراءات تندرج فی آلیات عملیة محددة لوقف العنف الدائر علی الأرض وإلقاء السلاح کی یتسنی للمهجرین العودة إلی أماکن سکنهم الطبیعیة للانخراط فی الحیاة العامة السوریة'.

وأکد حیدر ' أن باستطاعة جمیع أبناء الشعب السوری بتخلیهم عن لغة العنف أن ینتقلوا إلی الساحة الجامعة للکل والجلوس إلی طاولة الحوار دون أن یتخلی واحد منهم عن مطالبه التی یری أنها محقة وشرعیة للدفاع عنها لیس باستخدام البندقیة والسلاح بل بالحوار ونحن نسعی بکل الوسائل عبر مساعدة الأصدقاء من أجل وقف العنف الدائر علی الأرض ومنع التدخل الخارجی فی الشأن الداخلی السوری'.

وقال حیدر: إن اللقاء مع لافروف کان مفیدا وحمیمیا لدرجة أننا شعرنا بأننا نبحث معا عن وسائل لإخراج سوریة من أزمتها مشیرا إلی أن ملف المصالحة الوطنیة کان عنوانا أساسیا ورئیسا لهذا اللقاء.

وأضاف حیدر: إننا مع کل جهد مخلص یرید مساعدة السوریین للخروج من أزمتهم وأقول للآخرین من الخارج کفوا عن التدخل فی بنیة التغییر وآلیاته لأن الدور هو فقط فی تسهیل الذهاب إلی طاولة الحوار أما بنیة التغییر وآلیاته فهی من مسؤولیات الشعب السوری وحده ولن یستطیع أحد من الخارج أن یتدخل بذلک.

وقال جمیل فی حدیث لمراسل سانا فی موسکو 'إن مباحثات الوفد السوری التی أجراها فی موسکو مع وزیر الخارجیة الروسی سیرغی لافروف کانت عمیقة وودیة جدا '.

وأضاف جمیل 'لقد بحثنا ملفین مهمین هما ملف الأزمة فی سوریة المتعلقة بالمصالحة الوطنیة وکیفیة استمرار منع التدخل الخارجی الغربی الإمبریالی الأورو أمریکی فی الشؤون السوریة بما سیسمح للشعب السوری أن یحل مشاکله بنفسه وهذا هو حقه المطلق کما لکل الشعوب الاخری فی العالم ومن أجل إیجاد المخرج الآمن فی نهایة المطاف من الأزمة فی سوریة '.

وأشار جمیل إلی أن الملف الثانی تمثل فی بحث جمیع الملفات الاقتصادیة التی تم بحثها خلال زیارة الوفد الاقتصادی السوری قبل عدة أسابیع إلی موسکو 'تلک الملفات التی نقوم بتنفیذها تحت الشعار المعروف الاتجاه شرقا والتی تتطلب عملا تنفیذیا یومیا وجدیا وهذا سیعود بنتائج عملیة فی المستقبل القریب جدا فی مختلف الاتجاهات التی تهم المجتمع السوری الذی یعانی الیوم صعوبات اقتصادیة ومعیشیة بسبب مفاعیل الأزمة'.

ولفت نائب رئیس الوزراء للشؤون الاقتصادیة وزیر التجارة الداخلیة وحمایة المستهلک إلی أن العقوبات الغربیة أثرت اقتصادیا علی الوضع فی البلاد موضحا 'إن أصدقاء سوریة بمن فیهم الروس مستعدون لتقدیم کل ما هو مطلوب منهم لتلبیة احتیاجاتنا علی أساس أن نستطیع نحن أیضا وفی آن واحد أن نؤمن الطرق الضروریة من أجل تحقیق وتنفیذ تلک الاحتیاجات'.

وأضاف 'إن الأصدقاء الروس سیبذلون کل جهودهم التی أثمرت حتی هذه اللحظة فی منع التدخل الخارجی والتی ستثمر بالوصول لاحقا إلی حل سلمی للأزمة فی سوریة وهذا ما یریده الشعب السوری بمجموعه'.

بدوره قال حیدر فی حدیث مماثل ' لقد کان هناک توافق شبه کامل علی أغلب العناوین الأساسیة التی طرحت وتکلمنا بالتفصیل عن العملیة التنفیذیة لوقف العنف فی الداخل السوری وإطلاق العملیة السیاسیة وسبل التوصل إلی الحل السیاسی المطلوب فی سوریة .

رمز الخبر 182932