٠ Persons
٢٥ سبتمبر ٢٠١٢ - ١٢:٢٦

خبراونلاین – یقول بیروز مجتهد زادة حول حریة التعبیر فی الغرب: ان الدیمقراطیة وحریة التعبیر امر جید شریطة الاخذ بعین الاعتبار التحلی بالمسؤولیة واحترام الآخرین.

 

 

اکثر من اسبوع مضى على عرض الفیلم المسیء للنبی الاکرم (ص) لکن الدول الاسلامیة لا تزال تشهد تظاهرات مناهضة لامیرکا. ونرى من جهة اخرى تشدید التدابیر الامنیة لحمایة السفارات ویبدو ان هذه القضیة لا تزال مستمرة. لکن السؤال الاساسی هنا هل ان اللاعبین غیر الحکومیین مثل المؤسسات والمنظمات الدولیة یمکنها القیام باجراءات وسبل فی مثل هذه الاوقات بغرض تسویة هذا النوع من الازمات؟ على سبیل المثال، فیما یتعلق بالآلیات القانونیة لاحترام حق الدیانات الأخرى هل یمکن القیام بامر لتجنب العواقب غیر المتوقعة والتکالیف المترتبة عن مثل هذه الأحداث؟ بخصوص هذا الشأن اجرى موقع خبراونلاین حوارا مع بیروز مجتهد زادة، خبیر القضایا السیاسیة لتسلیط الضوء على الجوانب القانونیة لانتشار هذا الفیلم المسیء والازمة القائمة فی البلدان الاسلامیة.
هل تعتبر الاساءة الى الادیان احدى مصادیق وامثلة انتهاک حقوق الانسان؟
فی مجال الفکر الانسانی ینبغی ان یکون الامر کذلک. وسبب ذلک ان احد تعاریف حقوق الانسان هو ان التدین بای دین ینبغی ان یکون جزءا من الحقوق الاساسیة لکل انسان وان الاساءة لهذا الحق الاساسی من الطبیعی  ان یکون بمثابة اهانة لتعبیر حقوق الانسان. فی العالم الذی نعیش فیه الیوم یمکن سیادة هذه التعاریف والعمل بها عندما یتم تدوینها بصیغة قانون والمصادقة علیه عالمیا.
تقصد المصادقة علیه فی الامم المتحدة؟
ضرورة المصادقة علیه عالمیا لا یعنی بالضرورة من قبل الامم المتحدة، حیث یتم المصادقة على هکذا قوانین خلال الاجتماعات الکبرى والمؤتمرات ما یمکن ان یسفر عن الزام العمل بها وتطبیقها. مثلا مؤتمر کبیر بحجم منظمة المؤتمر الاسلامی والتی تتسم بطابع ثقافی واحد جوانبها مراعاة حقوق الانسان ، یمکن عرض هذا الموضوع هناک والمصادقة على صیغة قانونیة تعتبر الاساءة للدین الاسلامی او ای دین آخر والاساءة للمعتقدات المقدسة للبشر موضوعا له جانب من جوانب حقوق الانسان، هذا الاجراء عملی لکن ینبغی صیاغته بصورة قانونیة.

لماذا نرى فی بعض الدول الغربیة التشکیک بالاحداث التاریخیة ومن ضمنها الهولوکاست (المحرقة)  جریمة یغرم علیها، لکن لا وجود لآلیة حول الاساءة للادیان؟
ان هذه القضیة تعتبر احد الجوانب البارزة عن المعاییر الاخلاقیة-الثقافیة المزدوجة التی تمارس فیما یخص قضایا حقوق الانسان فی الدول الغربیة التی تفرض نفسها بقوة. بالطبع نعلم ان منع انکار الهولوکاست فی بلدان مثل فرنسا وجیرانها قد تم ذکره وتدوینه فی دستور هذه البلدان ویتم تطبیقه. فی المقابل نرى فی فرنسا ان الحکومة تقوم بامور تنتهک حقوق الانسان والحقوق الاساسیة بشکل سافر وتبرر هذه الافعال استنادا لادلة واهیة لا اساس لها. مثلا نجد فی فرنسا ان الحکومة وخلال السنوات الاخیرة صادقت على مقررات تمنع طلاب المدارس من استخدام الرموز الدینیة. وتتضمن هذه الرموز الحجاب للمسلمین والصلیب للمسیحیین والقبعة للیهود. لکن القضیة هی ان الصلیب لیس بفریضة فی هذه الادیان اما الحجاب فهو فریضة على النساء المسلمات وامر ضروری وجزء من الاصول الشرعیة.

النقطة الاخرى التی تظهر مدى زیف وتناقض سیاسة الحکومة الفرنسیة هی انه جاء فی هذا القانون ان استخدام الرموز الدینیة فی الهیکلیة الحکومیة ممنوع، فی حین ان المدارس، الجامعات من الناحیة الاداریة، تعتبر جزءا من مؤسسات الحکومة، لکن التلامیذ وطلاب الجامعات لا یعتبرون من ضمن هیکلیة الحکومة وهذا یعنی تزییف کبیر. بعبارة اخرى وفقا لهذا القانون، بامکان الحکومة الفرنسیة عدم السماح للمعلمین والاساتذة بارتداء الحجاب باعتبارهم جزءا من هیکلیة الحکومة لکنها لا تستطیع ذلک بالنسبة للتلامذة والطلاب الجامعیین.
غالبا ما یتم تبریر هذا النوع من الاساءة الى الادیان فی اطار حریة التعبیر؟ ترى کیف تقیمون هذا الموضوع؟
ان تبریر الاساءة للادیان الاخرى استنادا الى اساس حریة التعبیر فی قوانین الدول الغربیة یعتبر من ضمن الامور الاخرى التی ینبغی مناقشتها فیما یخص تزییف وتناقض سلوکیات الحکومات الغربیة بالنسبة لاتباع الدول. الان مضت مدة ونحن نشهد اجراءات وافعال مختلفة من الاساءة الى الاسلام او للنبی الاکرم او للمقدسات بصورة رسوم مسیئة وفیلم حتى موضوع احراق القرآن من قبل قس منحرف فی امیرکا امام انظار الملأ العام. فی کل هذه الحالات التی تسببت باحتجاجات واسعة شهدنا ان عددا من السیاسیین الغربیین وبالرغم من تندیدهم بهذه الافعال لکنهم یتشبثون بذریعة ان حریة التعبیر تعتبر من احد الاسس الاولیة فی المجتمع الدیمقراطی. المشکلة الاساسیة هی انه وعلى سبیل المثال فی فرنسا عندما تقوم مجلة بنشر رسوم مسیئة للنبی فهی تستخدم حق حریة التعبیر، لکن لماذا لا یمکن للمحتجین على هذه الاساءة الخروج بتظاهرات والافادة من هذا الحق. لقد حظرت الحکومة الفرنسیة الاحتجاجات. ترى ما هذا النوع من الدیمقراطیة؟ وکیف هو هذا الاصل من حریة التعبیر للانسان الذی یبیح للمسیء التعبیر عن آراءه بحریة لکن لا یبیح للمتضرر حق الاحتجاج.
اذن الا یوجد سبل وآلیات للحیلولة دون هذه القضیة؟
فی الحقیقة ان هذا الوضع منشأه قصور القانون القائم فی قوانین هذه البلدان. لم یتم ادراج التکهنات اللازمة فی هذه القوانین. مثلا اذا ما قام قس منحرف باحراق القرآن فان علیه تحمل مسؤولیة الاساءة الى هویة، معتقدات وعقائد شریحة کبیرة من اناس العالم والعلم بانه اساء الیهم. ان الحریة والتفویض بنبغی ان یرافقهما على الدوام مسؤولیة تداعیات ذلک. ان دستور هذه البلدان لم یتضمن التکهن حول کیفیة التعاطی مع قیام فرد باستغلال حریة التعبیر وانتهاک حریة وعقائد وایمان الاخرین. ان هذا یمثل انتهاکا للقانون. انه نوع من القصور فی هذه القوانین. مع هذه الاحداث التی وقعت فان الآوان قد حان للحکومات فیما یخص هذه المبادئ الاساسیة لحقوق الانسان التی تعتبر الشرط الاول لحریة التعبیر التی تستلزم اعادة النظر فیها ودراستها من جدید. بالطبع ان الاوساط القانونیة والتشریعیة والبرلمانیة هناک علیها اعادة النظر من جدید فی هذه القواعد والمبادئ وادراج التکهنات اللازمة فیما یخص استغلال هذه المبادئ. ای عند قیام قس امیرکی باستخدام حریة التعبیر وحرق الکتاب المقدس للمسلمین، فانه یکون قد ارتکب عدة جرائم: الاساءة لمعتقد واصل اسلامی، الاخلال فی علاقات البلدان مع بعضها البعض ما یمکن ان یفضی عن مواجهة عدائیة وعنیفة ویسفر عن آثار وتداعیات اخرى تلقی بظلال آثارها السیئة على الاستقرار والعلاقات الانسانیة فی مختلف المجتمعات العالمیة.
 

رمز الخبر 183232