کشفت مصادر إیرانیة وثیقة الاطلاع عن أن رئیس وزراء ترکیا رجب طیب أردوغان، وافق، خلال لقائه الرئیس الإیرانی محمود أحمدی نجاد فی باکو بدایة الأسبوع الماضی، على مسار مفاوضات لحل الأزمة السوریة تحت سقف الرئیس بشار الأسد.

 

 

 

 

وأضافت المصادر الایرانیة ،حسب صحیفة الأخبار اللبنانیة،ان موافقة الرئیس الترکی على مسار مفاوضات لحل الأزمة السوریة تحت سقف الرئیس بشار الأسد، «لیس حبّاً بالرئیس السوری بل کخیار الفرصة الأخیرة»، تجنّباً للوصول إلى نتیجة «صفر امتیازات»، بدلاً من «صفر مشاکل»، على ما کان یرغب منظّر السیاسة الخارجیة الترکیة أحمد داوود أوغلو.
وتتحدث المصادر السالفة الذکر للاخبار، عن «وجود تقدیر لدى الأمیرکیین والغربیین عموماً، یعلم به الأتراک، بأنهم عاجزون عن إسقاط الأسد، لأسباب متعددة، أولها الصمود الداخلی السوری، والخط الأحمر الذی وضعته روسیا والصین وإیران، التی ترفض جمیعاً مناقشة أی صیغة تتضمن رحیل الأسد، لکون سقوطه، بالنسبة إلیها، یساوی سقوط الدولة والکیان السوریین، ومن یدفع نحو ذلک إنما یرید أن ینشر الفوضى فی المنطقة».
وتستشهد المصادر بکلام وزیر الخارجیة الروسی سیرغی لافروف أخیراً أمام وزراء الاتحاد الأوروبی فی العشاء الذی جمعه بهم منتصف هذا الشهر. لقد قالها من دون أی مواربة: الأسد لن یرحل أبداً.
وتابعت الصحیفة ان "المعلومات الواردة من طهران تضیف أنه فی ذلک اللقاء الذی استمر 40 دقیقة على هامش قمة منظمة التعاون الاقتصادی، یوم الثلاثاء الماضی، استعاد احمدی نجاد المقاربة الإیرانیة لملفات المنطقة. وقال لأردوغان إن الولایات المتحدة ترید إحداث تغییر فی المنطقة، لکنها تشترط عدم تکرار أی من النماذج الثلاثة، الأفغانی والعراقی واللیبی.
وأضاف أن واشنطن یبدو واضحاً أنها کلّفت السعودیة وقطر بقیادة النظام الأمیرکی الجدید فی المنطقة وإشعال الأزمات إقلیمیاً، وتوکیل أفرقاء لإطاحة فلان أو علّان من زعماء المنطقة (...) أوکلت واشنطن الإدارة المیدانیة اللوجستیة إلى ترکیا، على أن تتولى السعودیة وقطر تأمین المال والسلاح والمقاتلین الإسلامیین الذین یبدو واضحاً أن الولایات المتحدة وحلفاءها یریدون تفریغ الخلیج الفارسی والأنظمة الجدیدة الحلیفة منهم. فهم إما أن ینجحوا فی إسقاط النظام فی سوریا، وهذا مکسب بالنسبة إلى هذا الفریق، أو یتم التخلص منهم فی سوریا حیث یؤدون دور الحطب فی النار السوریة، وهذا مکسب أیضاً».
وتؤکد المصادر الإیرانیة أن ترکیا أدرکت بما لا یقبل الشک بأنها فی نهایة المطاف ستجد نفسها وحیدة فی ساحة المعرکة فی حال فلت الوضع من عقاله واشتعلت النیران عبر الحدود. لا الولایات المتحدة ولا الأوروبیون ولا حتى حلف الأطلسی، سیتدخل نصرة لأنقرة.
وتضیف المصادر أن التقدیر الترکی یفید بأنه فی حال الاتجاه نحو تسویة، فإن الإطار الوحید الموجود حالیاً هو "وثیقة جنیف"، التی اتفقت علیها الأطراف کلها ما عدا إیران، وفیها الکثیر من النقاط التی تحاکی توجهات الجمهوریة الإسلامیة، باستثناء "بند مفخخ، هو البند التاسع الذی ینص على سلطة انتقالیة رأى الغرب أن شرطها استقالة الأسد، فیما رأى الروس والصینیون أن هذا التفسیر الغربی خاص بهم ولم یُتفق علیه فی جنیف. وإصرار الغرب على هذا التفسیر هو الذی دفع لافروف فی العشاء الأوروبی إلى التأکید، لمرة واحدة وأخیرة، أن أی شیء سیجری سیکون تحت سقف بشار الأسد".
یشار إلى أن طهران سبق أن تقدمت بورقة تنص على وقف إطلاق نار یلیه حوار وطنی بین جمیع الأطراف، باستثناء المجموعات المسلحة، یؤدی إلى مصالحة فانتخابات برلمانیة تحت سقف الأسد، تؤدی إلى انتخابات رئاسیة. کما تشمل الورقة تألیف لجنة رباعیة إیرانیة مصریة سعودیة ترکیة للإشراف على هذا الحل.
وتقول المصادر إن الأتراک أدرکوا، على ما یبدو، أن الورقة الإیرانیة هی الوحیدة المتکاملة، وتحظى بدعم روسیا والصین، وأن الولایات المتحدة ستتفاهم مع موسکو وبکین فی نهایة الأمر على وثیقة جنیف وفقاً لتفسیرهما لها بعدما باتت الکفة الروسیة والصینیة فی سوریا أعلى بفعل الصمود الداخلی والدعم الإیرانی والعراقی، فضلاً عن أن الورقة الإیرانیة حظیت بقبول الرئیس المصری محمد مرسی، حتى بعدما خرجت السعودیة منها، وبقبول أوّلی من المبعوث الدولی الأخضر الإبراهیمی الذی یتحرک، مذ تسلم مهماته بشأن الأزمة السوریة، وفی ذهنه الطائف اللبنانی.
وتفید المصادر نفسها بأن «أنقرة وجدت أن الأفضل لها فی ظل هذه الهندسة للقوى الإقلیمیة والدولیة الذهاب إلى طاولة التفاهم فی نهایة الحرب السوریة، وترید أن تخرج من المستنقع السوری بدعم إیرانی، فی الوقت الذی أدى فیه تورط السعودیة فی مستنقعَی البحرین والقطیف إلى خروجها من المعادلة»".
وتضیف الصحیفة ان "فی ذلک اللقاء فی باکو، قال أردوغان لاحمدی نجاد «ما دام الوضع على هذه الحال، تعال نؤلف لجنة اتصال، إیرانیة ترکیة مصریة أو إیرانیة ترکیة روسیة، أو کلیهما». لم یُعط الرئیس الإیرانی جواباً واضحاً. قال «عسى خیراً. لکننا سنتحرک بورقتنا».
وأضاف «إن کنتم ستتحرکون بوثیقة جنیف، فإن التفسیر الغربی لها سیترککم بلا مکاسب. علیکم بالتفسیر الروسی الإیرانی. کل شیء ممکن وقابل للتحقق تحت سقف الأسد وبمشارکة کل الأطراف المعنیة غیر الملوثة أیدیها بالدماء»، علماً بأن أردوغان أشار، فی المؤتمر الصحافی الذی عقده فی أنقرة بعد عودته من باکو، إلى لجنة ثالثة مقترحة تضم ترکیا ومصر والسعودیة".
و بناءً على ذلک، یبدو واضحاً أن أردوغان قبل مکرهاً بخیمة الإیرانی على أمل أن ینجو من مصیر «صفر امتیازات»، بعدما تبیّن أن المسار یتجه نحو التسویة ولیس الحسم، على قاعدة أن واشنطن _ والغرب عموماً الذی یدیر المعرکة _ تسعى إلى استنزاف الجمیع لیأتوا إلى طاولة التفاوض ضعفاء.
 

رمز الخبر 183471