خبراونلاین – یقول جعفر قناد باشی: ان التیار الخاسر فی مصر امثال البرادعی، عمرو موسى وحمدین صباحی اجتمعوا فیما بینهم بغرض المطالبة بحصتهم من الثورة وعملوا على افتعال ثورة ملونة.

 

 

واخیرا تراجع الرئیس المصری محمد مرسی عن الاعلان الدستوری المثیر للجدل الذی تم الاشارة فیه الى رفع مستوى صلاحیاته بشکل ملحوظ. وشهدت مصر على مدى الاسبوعین الماضیین احتجاجات شعبیة واسعة عقب ثورة ینایر 2011. حتى ان اعمال الشغب والاضطرابات وصلت الى قصر رئاسة الجمهوریة ومنزل الرئیس. ویعتقد بعض الخبراء والمحللین ان مرسی لم یکن امامه خیار آخر لازالة رموز عهد مبارک والمحکمة التی تسلم قضاتها احکام قضائهم من یدی مبارک. وفی هذا السیاق اجرى موقع خبراونلاین حوارا حول مستجدات الاوضاع الاخیرة فی مصر واعلان مرسی وتراجعه عنه مع جعفر قناد باشی الیکم تفاصیله:

 هناک شکوک قائمة حول الاجراءات التی اقدم علیها مرسی ما یعزز فرضیة ان مرسی یسیر بمصر نحو الدیکتاتوریة. هل هناک صحة لهذه الفرضیة؟ ثانیا هل سیتم التصویت لصالح الدستور خلال الاستفتاء؟ ثالثا هل ان المأخذ الذی اخذته بعض التیارات السیاسیة ازاء وضع الشریعة الاسلامیة رکیزة للدستور مأخذ صحیح؟

ان الاتهام بالسیر نحو الدیکتاتوریة، اتهام یتم طرحه الیوم من قبل غالبیة معارضی السید مرسی، اولئک الذین یعارضون التیار الاسلامی ذو القاعدة الشعبیة الکبیرة وفی هذا الشأن یستندون الى قرار السید مرسی والاعلان الدستوری الذی اعلنه. لکن الحقیقة ان اعلان السید مرسی هو رد فعل على قضیة مهمة داخلیة ورد على المطالبات الاهم التی کان ینبغی تلبیتها منذ اول یوم من تولیه منصبه. حول الموضوع الاول ینبغی الاشارة الى الاحتجاجات التی عمت القاهرة وباقی المحافظات بسبب تبرئة قتلة ابناء الشعب من قبل السلطة القضائیة . فی الحقیقة ان المادة الاولى من الاعلان الدستوری تتحدث عن اعادة محاکمة رموز النظام السابق الذین تم اعلان براءتهم کما جاءت ردا على الاحتجاجات الشعبیة فی الشوارع. حیث ان السلطة القضائیة لم تشهد تغییرا عقب الثورة وکان لا یزال عناصر مبارک هم من یتولى اصدار الاحکام فیها الامر الذی یتعارض مع شعار "اسقاط النظام" (نظام مبارک) . وهذا کان من ضمن المطالبات المهمة التی حملت الرئیس مرسی على اصدار الاعلان الدستوری ، حیث عملت السلطة القضائیة على حل الجمعیة التأسیسیة استنادا لعدد من المواد القانونیة وکانت تعمل على وضع العراقیل امام المصادقة على الدستور الجدید ما یعنى تأجیل الانتخابات البرلمانیة الى اجل غیر معلوم. لذا جاء الاعلان الدستوری لازالة هذه العقبات وارساء الدیمقراطیة.

اذا کان الامر هکذا فلم اثار اعلان مرسی کل هذه الضجة والجدل؟

فی الحقیقة ان اعلان مرسی لم یکن الارضیة او عامل البدء فی الجدل والنزاع فی الشوارع، ان السبب الرئیسی وراء کل هذه الضجة، هی دوافع المعارضة التی کانت بحاجة الى ذریعة او موضوع وکانت تتربص الفرصة لوقف سیر التطورات التی کان یسعى مرسی الى ارساءها. لکن عددا من وسائل الاعلام الاقلیمیة والغربیة عملت على ایجاد صورة توحی بان اعلان مرسی هو السبب وراء النزاعات الراهنة. فی حین انها کانت قائمة منذ فترة ضد الاسلامیین فی اطار محدود.

فی الحقیقة ، یمکن القول حول ما یجری فی مصر انه وقوع "ثورة ملونة مؤجلة". فی الثورات الملونة عادة هناک اقلیة من التی تخسر فی الانتخابات تقوم بتوجیه اتهام التزویر للجانب الفائز وتسعى لاثارة الضجة والضوضاء واستخدام لون خاص (مثلا حمل قطعة من القماش موحدة اللون) للضغط على الاغلبیة والافادة من الاجواء المثارة لازالة الطرف المنافس. ونظرا لعدم وجود حشود کافیة تملأ المیدان تقوم بملئه بالخیام.  ان التیار الخاسر امثال البرادعی، عمرو موسى وحمدین صباحی هم من اهم قادة الجماعات المعارضة التی اجتمعت فیما بینها وکلامها هو المطالبة بحصتها من الثورة التی لم تنتهی بعد. فی الحقیقة ان ما سیعمل على وضع الناس الى جانب مرسی هو آراء الشعب. لقد دعا السید مرسی المعارضین الى ساحة یخشونها، ساحة الانتخابات البرلمانیة التی تحظى بها القوى الاسلامیة بثقل کبیر. اذا ما حشدت کافة القوى انصارها فلن یتعدى ذلک نسبة 30%.

بالطبع هناک عدد من الشعب وبسبب القضیة الاقتصادیة لا یزالون غیر راضین. لکن من الطبیعی ان تسویة القضایا الاقتصادیة رهن بصیاغة الدستور وتجاوز المرحلة الانتقالیة.

ولماذا لم یستند مرسی فی عزل القضاة الى الدستور القدیم؟

ینبغی الاشارة هنا الى المشاکل التی تواجهها مصر ورئیسها وانصاره فی جماعة الاخوان. فمن جهة تم اصدار شرعیة رئیس الجمهوریة وفقا لهذه المحکمة وهی الجهة التی قبلت نتیجة الانتخابات ایضا ومنحت الشرعیة لمرسی. لو کان مرسی شکک بهذه السلطة القضائیة منذ الیوم الاول لکان شکک بشرعیته هو ایضا.

اذن فقرار مرسی قرار ذکی وفی نهایة المطاف یتسم بالحکمة. هل تتم قرارات مرسی استنادا لشخصه بالذات ام من قبل فریقه؟

ان حزب الحریة والعدالة وجماعة الاخوان المسلمین هی مؤسسات تتمتع بالقوة والخبرة. انهم الجیل الرابع من الاخوان ولهم خبرة کبیرة. لهم تاریخ فی التواجد فی المعتقلات حتى ان مبارک کان مضطرا لقبولهم فی البرلمان. لقد کان مرسی شخصیا نائبا فی البرلمان خلال دورتین. هذه الخبرات وتبادل الافکار لها دور مؤثر فی اتخاذ القرارات.

ثانیا لا یوجد عضو فی حکومة مرسی یعمل من خلال جهة واحدة ومن منطلق وجهة نظر واحدة. لقد انتخب مرسی اعضاء حکومته ال 35 من کافة التیارات والاحزاب، 10 منهم من اعضاء الحریة والعدالة. وهم ذوو آراء منفتحة وقاموا بمهامهم جیدا. کان بامکان مرسی اصدار اوامر بقمع الاحتجاجات ومحاکمة مسببیها لکنه فضل سبیل الحوار ولم یسمح للتحدیات بتقلیل مستوى اقتدار الثورة.

والى ای مدى هناک امکانیة حول انحلال موضوع الاستفتاء؟

ان هذا الاحتمال وارد، لانهم یحظون بالعدید من المؤسسات. ینبغی الاشارة هنا الى ان الازهر قام قبل عدة ایام باستضافة انصار مرسی من مختلف الشرائح المعلمین، التجار و...لان مرسی قام بعمله جیدا حتى اللحظة لذا یتمتع بقاعدة شعبیة جیدة. لقد انتهج الحکمة والتدبر ازاء کافة الاحداث والقوى .

وهل سیکون للجیش دور رقابی على الاستفتاء؟

کلا. لقد انخفضت قوات الجیش من ملیون و200 عنصر فی عهد مبارک الى 400 الف عنصر وهذا ایضا تم بید مبارک حیث عمل على فصل کافة العناصر القومیة الحقیقة المناهضة للصهاینة من الجیش. لذا فان رئیس جمهوریة یحظى ب 52% من الاصوات ولیس له برلمان ولا جیش وشرطة کانت حتى وقت قریب بید الجیش کیف یمکنه الحدیث والکلام. یکون للرئیس قدرة على الکلام والظهور باقتدار عندما یتمتع بالقدرة والقوة.

خلال الحرب الاخیرة بین حماس والکیان الصهیونی کیف کان الوضع؟ کیف تقیم سیاسة مرسی؟

فیما یخص الکیان الاسرائیلی تعامل مرسی بشکل صحیح لکن تم اظهار ذلک بشکل معکوس فی الاعلام. ان من ارسله مرسی سفیرا الى اسرائیل کان قنصل عهد مبارک فی ایلات. وان النص الذی ارسله هو رسالة یتم ارسالها الى کافة السفارات ولم یضع علیها ایة تغییرات حتى لا تشعر اسرائیل بالصداقة او العداء لان الساحة الداخلیة کانت تتطلب توفیر الاستثمارات اللازمة لاستقطاب الدعم الشعبی له.

الان هناک تیاران من مؤیدی ومعارضی مرسی یتهم  کل منهما الآخر بالتواطؤ مع امیرکا. مؤیدی مرسی یتهمون البرادعی وعمرو موسى بالتعاون مع امیرکا ومن جهة اخرى اخرى یواجه مرسی ذات الاتهام وهو تلقی الدعم الامیرکی وان امیرکا من خلال دعم الاخوان المسلمین تسعى الى ایجاد قوة مؤثرة لمواجهة الشیعة. ما هو رأیکم؟

اولا ان الامیرکان لا یسعون الى تعزیز نهج الاخوان المسلمین فی العالم العربی الذین یمثلون التیار الاقرب الى خط ایران کما ان مصالح ایران رهن بوجود هذا التیار فی السلطة حیث انهم اشخاص معتدلون مثقفون ومنطقیون.

ثانیا ان الامیرکان لا یثقون بالتیار الاسلامی الذی له صلة وثیقة بالامکانیات العظیمة للحضارة المصریة فی مواجهة التیارات العلمانیة، الغربیة واللیبرالیة . ان اوضاع مصر تشبه الى حد کبیر اوضاع ایران ابان الثورة. اذا ما ارتکب مرسی ای خطأ، فان نظامه وادارته ستخرج عن نطاق العمل کما هو حال بنی صدر حینها.

ثالثا لقد اثبت الامیرکان من خلال نهجهم وحتى اعلنوا انهم الى جانب تیار عمرو موسى وحمدین صباحی.

هل ان تزامن الاعلان الدستوری لمرسی مع انتهاء حرب ال 8 ایام کان مجرد صدفة؟

نعم اعتقد ان مرسی ومن خلال النجاح والشرعیة الدولیة التی قحقها سعى الى تنفیذ برنامجه. لکنه لم یکن یتصور ان الغرب سیدعم المعارضین وان علیه اجبار المعارضین الى الاستسلام من خلال سیاسته المتبعة.

لذا فانتم تعتقدون ان مرسی سعى للافادة من هذا الامر على الصعید الداخلی لکنه اخطأ فی حساباته عملیا.

نعم. کان ینبغی علیه ترتیب الاوضاع فی الداخل ومن ثم القیام بهذا الامر. لکن یجب الالتفات هنا ان هذه الحشود لطالما کانت فی الشارع ولطالما مثل موضوع الدستور موضوعا مهما.

وما هی الاوضاع المصریة التی تصب فی صالح اسرائیل؟ هل ان التوتر فیها من صالح اسرائیل؟

ان الاسرائیلیین یفضلون خفض اقتدار مصر من خلال التوتر والصراع الداخلی واتساع دائرة نطاقه حتى لا تجد الحکومة فرصة لسیاستها الخارجیة. لان تنظیم سیاسة مصر الخارجیة وفقا لمطالبات وعزم الشعب المصری لا شک انه ییتعارض مع اسرائیل. لقد رأینا مؤشرات هذا الامر فی معبر رفح: کانوا یبنون سدا کبیرا ، لقد تم اقامة جدار کونکریتی للحیلولة دون تحرکات الضفة الغربیة اما فی رفح فهم یبنون سدا وهومؤشر على مدى قلقهم . مصر المتحدة وذات ثقافة اسلامیة ومحلیة لا یمکنها تحمل السیاسات الاستعماریة ومن الناحیة التاریخیة فمن الطبیعی ان نرى ان اتجاه مصر الهجومی والدفاعی کان نحو اسرائیل التی لا شک انها تفضل استمرار هذا الصراع.

وما مدى امکانیة نجاح اجراء الاستفتاء؟

لقد اخذ الاخوان کافة الجوانب بنظر الاعتبار. منح الحریات للاقلیات هو انموذج بارز من رقی الدستور الجدید . ان الدستور الجدید لیس ذو وجه واتجاه واحد لقد تضمن ایضا حریة الاحزاب ، لذا هناک امکانیة کبیرة للتصویت لصالحه.

اذن ما هی اسباب الاحتجاجات على قوانین الشریعة الاسلامیة؟

هناک سببان: الاول انهم یزعمون ان القران لا ینبغی ان یکون مصدر الدستور فی حین ان هذه القضیة کانت قائمة فی السابق وموجودة ایضا فی الدول الاسلامیة وهی امر عام.

ثانیا ان الدستور ینبغی ان یستند الى الثقافة. دستور مصر هو ایضا نابع من ثقافة وحضارة مصر ولا مصدر آخر له.

هل تم الاخذ بعین الاعتبار فی الدستور الجدید حقوق الاقباط وکافة الاقلیات؟

نعم

وما هی نسبة تغییر الدستور؟

حریة الاحزاب موضوع لم یکن موجودا من قبل وتم ادراجه فی الدستور الجدید. خفض صلاحیات رئیس الجمهوریة السیاسیة امر تم اعادة النظر فیه وهو موضوع فی غایة الاهمیة. فی الماضی کان البرلمان ینتخب رئیس الجمهوریة وهو ایضا ینتخب البرلمان. لقد کان رئیس الجمهوریة یتمتع بصلاحیات کبیرة  لکن تم الحد منها الان.

اذا ما اراد نظام السلطة الحیلولة دون ایجاد مصر مقتدرة، هل یمکن ان یمثل السودان الانفصالی قاعدة للضغط على مصر؟

فی الاساس لقد تم زرع بذور السودان الجنوبی منذ البدایة لیکون مکانا للضغط على کافة التیارات الاسلامیة فی المنطقة. هذا امر وضعه البریطانیون قبل حوالی 90 عاما ولا یزال هذا النهج مستمرا حتى فصلوا السودان الجنوبی. فی الحقیقة ان السودان الجنوبی هو جبهة ذات اغراض متعددة: اولها اظهار ان الاسلام لا یقتصر على العرب ولا السود. ثانیا یکون عازلا بین اسلام الشمال والجنوب الاسلامی فی افریقیا وفی نهایة المطاف ممارسة الضغط على السودان ومصر وباقی النهضات الاسلامیة فی المنطقة الامر الذی یعتبر من ضمن المخططات التی یتم السعی لتنفیذها.

رمز الخبر 183899