بدأت القوات العسكرية الفرنسية هجومها ضد مواقع الجماعات الاسلامية شمالي مالي. واعلن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند الجمعة رسميا وخلال خطاب متلفز بدء الهجوم الذي اعتبر ان الهدف منه "مكافحة الارهاب ومنع المتمردين من التقدم نحو الجنوب". العمليات العسكرية رافقها على الفور دعم لوجيستي اميركي وبريطاني. ويبدو انه تم من خلال ذلك فتح باب ازمة جديدة في احدى زوايا افريقيا. لكن السؤال الذي يطرح نفسه : ما هي تكلفة فرص فتح باب جبهة جديدة من الازمات في ظل الظروف الراهنة التي تعاني فيها اوروبا من ذروة وطأة الازمة الاقتصادية؟ حول هذا السؤال حدثنا بيروز ايزدي، خبير شؤون القارة الاوروبية .
في البداية لنتحدث عن مضمون وضرورة الهجوم العسكري الفرنسي على مالي.
في الوقت الراهن تم احتلال الجزء الشمالي من مالي من قبل الجماعات الاسلامية وهناك خشية من تقدم هذه الجماعات وسيطرتها على معظم البلاد والاطاحة بحكومة مالي. من هنا نرى فرنسا البلد المستعمر السابق لدولة مالي واللاعب الدولي المهم ، الرامي للعب دور اكبر في الساحة الدولية، ونظرا لاقتدارها ونفوذها القديم والتقليدي في افريقيا اعتبرت ان من واجبها القيام بشن هذا الهجوم. وهناك عدة تبريرات للفرنسيين للقيام بهذا العمل:
اولا، انه هجوم يتم في اطار مكافحة الارهاب والقاعدة وهو يحمل معه تأييد غالبية التيارات السياسية الفرنسية حتى التيار اليميني المنافس لهولاند، قدم دعمه لقرار الرئيس الفرنسي.
ثانيا، في ظل الظروف التي تواجه فيها سياسات هولاند على الصعيد الداخلي انتقادات شديدة، من الممكن ان يسهم هذا القرار في ايجاد اجماع في هذا البلد ويعزز من مواقف الرئيس الفرنسي داخليا.
ثالثا، في حال الاطاحة بحكومة مالي على يد الجماعات المسلحة هناك خشية من تنفيذ نظرية "الدومينو" على باقي دول جوار مالي (التي غالبيتها من مستعمرات فرنسا السابقة) وعدم بقاءها في مأمن من تداعيات هذه القضية وتقدم الجماعات الاسلامية نحوها هي بالتالي. لا سيما النيجر التي تتمتع بمناجم اليورانيوم التي تشكل موضوعا في غاية الاهمية بالنسبة لفرنسا. من ناحية اخرى مصالح ، استثمارات ومبادلات فرنسا التجارية في هذه المنطقة ذات حجم كبير وغالبيتها يتمثل في توفير المواد الاولية اللازمة لهذا البلد.
وفي نهاية المطاف، ان اقتدار ونفوذ القاعدة يمكن ان يؤثر بشكل اكير على المجتمع الفرنسي ويعزز من الميول الراديكالية هناك.
كل هذه العوامل عندما نضعها جنبا الى جنب نرى ان اجراء هولاند جاء بناء على الاهمية والامور المتعلقة بالجيوسياسية لفرنسا وبالامور الاقتصادية والسياسة الداخلية لها ما يبرر هذا الهجوم العسكري.
في الحقيقة ان فرص هذا الهجوم اكبر من تكاليفه.
نعم. بالاضافة الى ان جزءا كبيرا من هذا الهجوم يتم بصورة دعم جوي وان امكانية تحميل فرنسا لاضرار كبيرة مقارنة بباقي الحروب مثل افغانستان ضئيل للغاية. وهو خلافا لافغانستان التي راح ضحيتها حتى الان اكثر من 80 فرنسيا.
اقتصاد اوروبا لا سيما فرنسا وفي ظل الظروف الراهنة يمر بوقت عصيب، حيث ان بعض وسائل الاعلام البريطانية تصف اقتصاد هذا البلد بالقنبلة في قلب اوروبا. في ظل هذه الظروف هل القيام بهذا الهجوم امر يستحق دفع الثمن؟
ينبغي الالتفات هنا الى ان فرنسا باعتبارها حليف وداعم للدول الافريقية (التي كانت سابقا مستعمراتها) لو لم تستجب لدعوة حكومة مالي والاتحاد الاقتصادي لدول غرب افريقيا (اكووا) لواجه مستقبل نفوذها السياسي تهديدا وخطرا جادا في المنطقة ولم يكن بامكانية هذه البلدان الاعتماد على فرنسا كحليف لها. وهذا عامل مهم في هذه القضية. من جهة ينبغي الاخذ بعين الاعتبار لقضية هي وجود نقاط محدودة في العالم تستطيع فرنسا التأثير فيها ومن اهمها افريقيا. في باقي نقاط العالم لا تحظى فرنسا بالقدرة على التأثير بشكل كبير.
لقد هددت القاعدة عقب الهجوم الفرنسي، باريس بشن هجمات ارهابية، ما هوقييمكم لتداعيات هذه القضية؟
بين المجتمع المهاجر المسلم في فرنسا هناك اشخاص وبسبب الاحباط والتمييز الموجود ، على استعداد للانضمام للجماعات الراديكالية. هذه النقطة تعتبر بصيص امل للقاعدة لاستخدام هذه العناصر لضرب الامن الداخلي الفرنسي. حيث شهدنا مؤخرا امثلة على هذه الاجراءات الارهابية في هذا البلد. بكل الاحوال لهذه القضية صلة بحجم ومقدار تنظيمات القاعدة في الدول الاوروبية، قدرتها على تنفيذ العمليات والتدابير الامنية التي تضعها هذه الدول. لا يمكن القول بشكل حازم ان بامكان القاعدة توجيه ضربة لكن احتمال ذلك قائم.
خبراونلاین – یقول بیروز ایزدی: الارهاب، الاقتصاد ومجموعة من العوامل الاقتصادیة والسیاسیة هی التی حملت الرئیسالفرنسی على اصدار اوامر شن الهجوم العسکری على بلد آخر من بلدان القارة السوداء.
رمز الخبر 184177