فی فکرة الدفع بالاجل توجهان ایجابیان.. توفیر اموال المشاریع من خارج الموازنة.. والثانی ایکال الامر الى شرکات مضمونة الاهلیة والکفاءة. والتوجهان اقرار بحقیقتین. الاولى ان الاقطاعیات الاداریة وحجم الفساد وسوء الادارة یمنع ایة امکانیة لتنفیذ حتى مشاریع لا تتطلب تلک الخبرات الهندسیة.. کبناء 6000 مدرسة، ووحدات سکنیة، وطرق، الخ.. وهو ما تقترحه مشاریع الدفع بالاجل، المسماة خطأ بالبنى التحتیة. اما الثانیة، فالمشکلة لیست فی الاموال، بل ادارتها وحشدها، خصوصاً مع الزیادات النفطیة المتوقعة. فیکفی ضمان الدولة، وستأتی الشرکات الیابانیة والکوریة والصینیة وغیرها لتحقق فائدتین.. الاولى ارباح المشاریع.. والثانیة فوائد لدیون بتعهد سیادی مقتدر.
ان الخروج من منطق الدولة کرجل اعمال فاشل واللجوء للشرکات الکفوءة العامة والخاصة العراقیة او الاجنبیة، هو توجه سلیم. ولو لم تهدر الاموال العظیمة، وغلبنا هذا المنطق فی الکهرباء والمیاه والسکن والمدارس والبنى التحتیة، کما فعلنا مع النفط، لتغیرت الاوضاع جذریاً. کذلک توجه صحیح التعامل مع الموازنة برؤیة جدیدة.. واعادة هیکلة مخصصات الوزارات، والضغط على موازناتها المتضخمة لتمویل الشرکات المؤهلة والجادة العراقیة والاجنبیة للقیام بالمشاریع المطلوبة.. وتحرک الدولة لاستثمار السیولة الکبیرة لدیها، ولدى المصارف، والمواطنین، وحشد الرسامیل اللازمة.
تبلغ الودائع فی المصارف العراقیة الـ (41) العامة والخاصة (48) ملیار دولار تقریباً (حزیران2012).. وتبلغ نسبة السیولة لدیها (52%)، وهی تفوق النسبة المعیاریة البالغة (30%)، المرتفعة بدورها.. وان نسبة الائتمانات لرأسمال المصارف واحتیاطیاتها تبلغ (1.1) مرة، وهی تقل عن نسبة (8) اضعاف المسموح بها قانوناً، ای 12.5%.. وهذه اکثر مما تطالب به اتفاقات "بازل 3" التی سیبدأ العمل بها، وتتعدى لوائح "بازل 2"، فی هذا الجانب على الاقل. فکفایة رأس المال مطمئنة فی العراق. وان بمقدور المصارف برؤوس اموالها وموجوداتها الحالیة –خصوصاً مع ضمانات الدولة- الوصول لائتمانات وقروض تقارب (54) ملیار دولار.. لترتفع الى (70.5) ملیار دولار (حزیران2013) عندما یتم رفع رأسمال کل مصرف الى (215) ملیون دولار. کل هذا والعادة المصرفیة متأخرة.. فالسیولة الاعظم متوفرة خارج المصارف على شکل مکتنزات نقدیة وغیرها.. وان ایة خطة، تدعمها وتضمنها الدولة، لحشد الاموال ستوفر الرسامیل المطلوبة ولبدء استقرارها وعودتها، بدل هجرتها.. وستزید الاصلاحات والاغراءات، الاهالی والمصارف والمستثمرین فی ازالة الکثیر من العقبات، وتعمیق النهج البناء.