فی ضوء ذلک انعقد فی طهران (ملتقى الجغرافیا والتنمیة والدفاع والامن فی الخلیج الفارسی ومضیق هرمز) لمناقشة السبل الکفیلة بتفادی محاولات اخضاع (الامن الاسلامی) للسیاسات والمشاریع والاملاءات المرسومة عبر القارات، والسعی لبلورة الرؤى والبرامج والدلائل العملیة من اجل حمایة المصالح الوطنیة والاقلیمیة والدولیة لجمیع البلدان الواقعة فی هذه المنطقة الحیویة من العالم، على قاعدة المساواة والتکافؤ والاحترام المتبادل، ونبذ الارتهان للاجندات الغربیة ــ الصهیونیة بشکل أو بآخر.
ولایخفى ان وتیرة التطورات والاحداث المتسارعة فی الشرق الاوسط، تضع على عاتق الدول المعنیة بالامن الاقلیمی مسؤولیات جسیمة، لا سیما ونحن نرى ان "التحالف الامیرکی ــ الاوروبی ــ الاسرائیلی" قد القى بثقله وراء مخطط زعزعة الاستقرار والسلام والتآلف فی المنطقة، وهو یقاتل الان بشراسة لتعمیم نوازع القتل والجریمة والفساد والتناحر والخلافات المذهبیة والطائفیة والعرقیة بین ابنائه الطیبین المجبولین بالفطرة على قیم الخیر والتسامح والتراحم التی یشدد علیها الدین الحنیف من المهد الى اللحد.
ومن المعروف ان منطقة الخلیج الفارسی والعالم العربی هی منطقة غنیة بالکثیر من الثروات الطبیعیة والطاقات الظاهرة والکامنة،کما انها متمیزة بموقعها الجیوسیاسی والجیواستراتیجی، باعتبارها اهم حلقات شبکة امدادات الطاقة (النفط والغاز) منها الى امیرکا واوروبا والصین والیابان وغیرها ، وازاء ذلک فان هذه المزایا وضعتها على الدوام فی عین الاعاصیر العاتیة، وعرضتها باستمرار لمؤامرات اباطرة الذهب والمال الغربیین والصهاینة، الذین لم یوفروا ایة وسیلة دنیئة لممارسة القرصنة واللصوصیة الدولیة من اجل بسط السیطرة والتحکم والاستغلال على هذه المنطقة.
بید ان السیناریو الاستکباری القائم على لغة الغطرسة والاملاءات والترغیب والترهیب، اصیب بصدمات عنیفة عقب انتصار الثورة الاسلامیة فی ایران (11 شباط 1979)، وتحولت طهران منذئذ الى قوة اقلیمیة ودولیة مدافعة عن حیاض الوطن والامة والاسلام وقضایا التحرر والمظلومیة، الامرالذی انعکس لاحقا من خلال تحطم جمیع البرامج والممارسات الصهیوغربیة على صخرة المقاومة المؤمنة التی انطلقت فی عموم المنطقة بفضل الملاحم والتضحیات الخالدة لتلامیذ مدرسة الامام الخمینی (قدس سره) النهضویة فی ایران ولبنان وفلسطین والعراق ومصر ومناطق کثیرة اخرى فی العالم.
ان قراءة سریعة لمسیرة التحولات فی منطقة الخلیج الفارسی والعالم العربی، تعزز القناعة فی أن (المقاومة بوجه المشروع الصهیونی ــ الغربی) اضحت التحدی الاخطر للسلوکیات والمؤامرات الساعیة للسیطرة على مقدرات الامة الاسلامیة وتعبید ابنائها لفائدة "المحتل الاسرائیلی".
ولیس هذا فحسب بل یمکن القطع ایضا بأن جمیع الاهداف والبرامج الاستکباریة قد منیت خلال العقدین الاخیرین بالهزائم والاندحارات المذلة، فی دلالة واضحة على ان القوة الاسلامیة المتنامیة لابناء الامة باتت عقبة کأداء امام تنفیذ احداثیات زعماء النظام الرأسمالی الغربی الصهیونی وتجار الحروب العالمیین، رغم استغلالهم اجهزة ما یسمى بـ "الشرعیة الدولیة" وقوانینها وقراراتها لبلوغ مآربهم الجهنمیة وفقا لمعاییرهم المزدوجة.
واضح ان رسالة ملتقى طهران الاستراتیجی (17- 12- 2012)، توخت هدفا اساسیا کبیرا، هو ترشید (القوة الاسلامیة العالمیة) وبما یؤدی الى تحقیق المزید من المنجزات و الانتصارات علی ارضیة التلاحم والتکاتف والتضامن فی جغرافیا الخلیج الفارسی والعالم العربی، وذلک من اجل الوصول الى تشکیل جبهة متراصة ، تقف بکل حزم وصلابة فی مواجهة المؤامرة الصهیوغربیة و تحرکاتها الرامیة الى تمزیق المنطقة وشعوبها بالحروب الاهلیة والافکار المتطرفة والجماعات التکفیریة المسنودة ـــ وللاسف الشدید ــ باموال سماسرة البترول والمال الاقلیمیین ، فی موقف مشین یثیر الاستنکار والاشمئزاز فی ان معا، ویبرهن على التبعیة العمیاء للسیاسات الاستکباریة الارهابیة