خبرأونلاین-هناک مشروع غربی او بالاحرى مشروع امریکی ـ اوروبی ویهدف إغراق المنطقة فی صراع إسلامی- إسلامی، بالتحدید سنی شیعی ، وقد بدأ زحف هذا الخط من عدة سنوات، عندما سقط النظام" الإمبراطوری" فی إیران, وحل محله نظام الثورة الإسلامیة.
نتذکر أن الثورة الإسلامیة ضد النظام الإمبراطوری فی إیران کانت أکبر ضربة وجهت إلی الإمبراطوریة الأمریکیة فی المنطقة، وقد حاولت ولاتزال تحاول تعویضها وجربت ولاتزال تجرب بوسائل الدعایة، وبوسائل المخابرات، وبوسائل الحرب، وبوسائل الحصار، ولم تنجح حتى هذه اللحظة، ثم نصح الناصحون من الخبراء وأولهم المستشرق الأشهر" برنارد لویس" بالترکیز علی تناقض" عربی ـ فارسی" له جذور تاریخیة، لکن العمل علی هذا التناقض لم یبلغ مقصده، وکذلک جرى تطویره بالفتنة المذهبیة بین السنة والشیعة، ووجدت الفتنة من یساعدها فی المنطقة، والغریب أن هؤلاء الذین یساعدونها من المنطقة کانوا أصدقاء لنظام" الشاه" وهو شیعی ثم أصبحوا أعداء لنظام الثورة الإسلامیة وهو شیعی، لکنهم تحملوا خلاف المذاهب مع الشاه ولم یزعجهم، وأما الثورة الإیرانیة فإن الشیطان کله تجسد فی المذهب، ومن الواضح أن المذهب لیس مکمن العداء، وإنما العداء سیاسی، یعاد فیه بعث مآسی الإسلام السابقة فی خدمة مصالح غیر اسلامیة لاحقة الی جانب أن هذا البعث للفتنة یحول الانظار عن أی تهدید لهذه المصالح، وفی الحالتین حالة الفتنة وحالة تحویل الأنظار فإن المرغوب فیه حرب أهلیة إسلامیة مزقت العرب والمسلمین مرة، ومرات، والآن تجری استعادتها مرة أخرى.
أن الاعتراف الأمریکی والغربی بالإخوان المسلمین لم یجیء قبولاً بحق لهم, ولا تقدیرا تجلت دواعیه فجأة أمام المعترفین، ولا إعجابا ولا حکمة، لکنه جاء قبولاً- ولو جزئیاً- بنصیحة عدد من المستشرقین، بینهم" برنارد لویس" أیضا!- تطلب مدداً یستکمل عزل إیران فی العالم الإسلامی والعربی بالفتنة المذهبیة.
وما حدث أنه فی بدایة القبول بنصائح' برنارد لویس', أن السیاسة الأمریکیة حاولت توظیف قادة وزعماء من العرب، سواء فی ذلک أمراء السعودیة من الملک' فهد' وغیره- أو رؤساء دول عربیة مؤثرة مثل' مبارک' وغیره لتحقیق المطلب!!
وبالفعل علقت الولایات المتحدة أهمیة ظاهرة علی جهود الأمراء والرؤساء, وهم یحاولون تغییر طبیعة الصراع الرئیسی فی المنطقة من کونه" عربیا إسرائیلیاً ", حتى یصبح، عربیاً فارسیاً "، ولم یکن نجاح هؤلاء الأمراء والرؤساء على مستوى ما یطلبه الکبار فی واشنطن وغیرها.
وتجددت نصیحة الاستشراق بأن الأفضلیة فاعلیة المواجهة لتصبح اقوی اذ انتقلت من کونها حکومات أمام حکومات لکی تصبح مجتمعات ضد مجتمعات، أی أنه بدلاً من مواجهة بین السعودیة وبین إیران، فلتکن المواجهة بین المذاهب الإسلامیة، فذلک عداء مباشر وأعمق نفاذاً, وکذلک حدث تعدیل فی السیاسة الأمریکیة، بما یشجع ویوسع عملیة المواجهة اعتماداً علی تجمعات جماهیر من السنة تواجه تجمعات جماهیر من الشیعة وبالتالی تصبح المواجهة مزدوجة التأثیر, مواجهة علی مستوی دولة ودولة، وبالتوازی مواجهة على مستوى الجماهیر بین جماعات وجماعات سنة وشیعة!!
بهذا القصد طرأت مسألة الاعتراف بالإخوان, وبقبول مشارکتهم شرعیاً فیما کان محظوراً علیهم من قبل, والإخوان تنظیم سنی نشیط, ومن المفید کذلک یرى أصحاب الطلب! هذه اللحظة أن یکون للإخوان السنة دور على مستوى الشارع العربی فی مواجهة مع الشیعة فی قلبه!!
الحقیقة أننی لا أحسب أن الإخوان ضالعون فی هذا القصد, وربما أن نشوة الاعتراف بشرعیتهم لم تعطهم فرصة کافیة لدراسة دواعی الاعتراف بعد نشوة الاعتراف.
وکان من حق الإخوان أن یعترف بهم, لکن واجبهم بعد النشوة أن یطلوا علی بواعثه.
بمعنى أن حقهم صحیح, ثم إن توظیف هذا الحق فی تأجیج فتنة فی الإسلام لصالح آخرین- خطأ, خصوصاً فی هذه الظروف.
لم یتعلم العرب لا فی الماضی ولا فی الحاضر, أنه لیست هناک عهود للدول الا ما تقتضیه أسباب القوة فکلهم سوف یتنکر لأی عهد عند أول منحنی على الطریق إذا دعته مصالحه!!
ان بعض ما یجری فی" سوریة" مقصود به' إیران' کهدف أساسی فی ملء فضاء الشرق الأوسط.
وکان ظنی أن أفضل الخیارات المطروحة هذه اللحظة أن یستطیع العرب تأمین توازن فی موقفهم یصون مصالحهم, ولا یقمع طموحات مستقبلهم, ولا یکون مقاولة' تسلیم مفتاح'!!, وتأمین التوازن فی الحالة العربیة لابد أن یتم بدرجة من التعاون مع الجوار الإقلیمی الإسلامی, بصرف النظر عن فرقة المذاهب, وأنا لا أحسبها فرقة, وإنما رؤى مختلفة فی التاریخ وفی الثقافة. لکن الظاهر من الخطاب الرسمی العربی السائد, هو عداء إیران, والتشکیک فی ترکیا.والعداء لإیران بالترکیز علی مذاهب سوف یؤدی إلى کوارث فی شبه الجزیرة العربیة, بدایتها ما نرى فی' الیمن' و'البحرین'.
والتشکیک فی ترکیا واستدعاء الجانب المظلم من التجربة العثمانیة القدیمة, قد یرفع ترکیا للانضمام إلى' سایکس بیکو' الجدیدة شراکة مع الغرب الأمریکی الأوروبی فی نصیب من الموارد والمواقع.
محمد حسنین هیکل
رمز الخبر 184643